Web Analytics
البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة السابعة و الثمانون: الإيثار في القرب مكروه و في غيرها محبوب, شرح القواعد الفقهية

القاعدة السابعة و الثمانون: الإيثار في القرب مكروه و في غيرها محبوب

258 – معنى القاعدة :

الإيثار : تقديم غيرك على نفسك فيما تحتاج أو تنتفع به ، فالقاعدة صريحة في أن إيثار المسلم غيره على نفسه فيما هو قربة يثاب عليها عند الله ، هذا الإيثار مكروه ، وتعليل ذلك أن الغرض من القربات كالعبادات و أسبابها ووسائلها هو تعظيم الرب جل جلاله فمن آثر به فقد ترك إجلال الله تعالى و تعظيمه ، ولكن إيثار الغير على ما هو من حظوظ النفس الدنيوية فهذا جائز و مندوب قال تعالى :” و يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ” وجاء في تفسيرها : ويؤثرون على أنفسهم في كل شيء من أسباب المعاش ، و الإيثار تقديم الغير على النفس في حظوظ الدنيا رغبة في حظوظ الآخرة ، ولو كان بهم خصاصة أي : حاجة و فقر و في الآية تصريح بالإيثار في حظوظ النفس و الدنيا .

و نقل السيوطي عن القرافي قوله : من دخل عليه وقت الصلاة ومعه ما يكفيه لطهارته و هناك من يحتاجه للطهارة لم يجز له الإيثار ولو أراد المضطر إيثار غيره بالطعام لاستبقاء مهجته كان له ذلك و إن خاف فوات مهجته و الفرق أن الحق في الطهارة لله لا يسوغ فيه الإيثار و الحق في حال المخصمة لنفسه فيجوز فيه الإيثار .

  259 – فروع القاعدة و تطبيقاتها :

منها : قال الإمام عز الدين بن عبد السلام : لا إيثار في القربات فلا إيثار بماء الطهارة ولا بستر العورة ولا بالصف الأول في الصلاة لأن الغرض بالعبادات التعظيم و الإجلال لله تعالى فمن آثر به فقد ترك إجلال الله تعالى و تعظيمه و منها : لو دخل وقت الصلاة و معه ماء يتوضأ به فوهبه لغيره ليتوضأ به لم يجز لأن الإيثار إنما يكون فيما يتعلق بالنفوس لا فيما يتعلق بالقربات و العبادات ومنها : في الانتظار لصلاة الجمعة في المسجد لا يقام أحد من مجلس ليجلس في موضعه فإن قام باختياره لم يكره فإن انتقل إلى أبعد من الإمام كره لأنه آثر بالقربة .

260 – حكم الإيثار بالقربات :

الإيثار بالقربة إن أدى إلى ترك واجب فهو حرام كالماء لرفع الحدث وستر العورة للصلاة وإن أدى إلى ترك سنة و ارتكاب مكروه فمكروه و إن أدى الى ارتكاب خلاف الأولى مما ليس فيه نهي مخصوص فخلاف الأولى .

261 – إشكال على القاعدة و جوابه :

قال الإمام السيوطي بعد أن ذكر فروع القاعدة : المشكل على هذه القاعدة : إن من جاء ولم يجد فرجة في الصف – صف جماعة الصلاة – فإنه يجر شخصا بعد الإحرام و يندب للمجرور أن يساعده فهذا يفوت على نفسه قربة وهو أجر الصف الأول ،  ويمكن أن يجاب على هذا الإشكال بأن المجرور إذا فاتته قربة الصف الأول فإنه حصل على قربة أخرى هي عدم ترك أخيه المسلم يصلي منفردا فيقع في النهي الوارد في الحديث النبوي الشريف : ” لا صلاة للفذ خلف الصف ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى