البحوث القانونية

المبادئ العامة لمحاكم المتهمين في نظام الجزائي السعودي

ثمة قواعد متعارف عليها في القضاء الجنائي، دل عليها الدليل الشرعي والمنطق العقلي، وهي مما استقر عليه العمل في المحاكم بالمملكة، ومن أهمها أربع قواعد، نذكرها بإيجاز وهي :

❶↢ المتهم بريء حتى تثبت إدانته. فقاعدة (اليقين لا يزول بالشك) قاعدة أصيلة من القواعد الكبرى في الشريعة، وقد أجمع فقهاء الشريعة والقانون على أن الأصل في الإنسان هو البراءة من الجناية، قال رسول الله قال: “لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه”)(١).

❷↢ الشك يفسر لصالح المتهم. قال النووي رحمه الله الشك في كتب الفقهاء هو: التردد بين وجود الشيء سواء أستوى الاحتمالان أو ترجح أحدهما.

ويراد به أن الأصل أن المتهم بريء، فإن حدث شك في التهمة المنسوبة له فالأصل البراءة منها، وهذا يفسر الشك لصالحه. وهذا المبدأ قائم على قاعدتين هما أن (الحدود تدرأ بالشبهات)، كما هو متفق عليه بين الفقهاء، وقاعدة (الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة).

 

❸↢ مبدأ عدم رجعية العقوبات.

وقد دلت أدلة كثيرة أن الله تعالى لا يعاقب على ذنب إلا بعد أن يرد تحريمه، فالأصل في الأمور الإباحة: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)(۲)، ونقصد بهذا المبدأ أنه لا القضاء الجنائي أن يتم إلا بعد أن يكون هناك دليل سابق من الشرع أو النظام بخطأ الفعل الذي ارتكبه، وجاء في المادة ٣ من نظام الإجراءات الجزائية أنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا …. بأمر محظور شرعا أو نظامأ …)، كما أشارت المادة ٣٨ من النظام الأساسي للحكم أنه لا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.

وهناك من فقهاء القانون من يذكر استثناء لهذا المبدأ، فيرون ترك العمل بالنظام السابق في صور منها:

  • إذا ألغي نص التجريم.
  • إذا عدل شرط في التجريم، وصار يصب في مصلحة المتهم
  • إذا ففت العقوبة في التنظيم الجديد.

 

❹↢ لا تتعدد العقوبات على الفعل الواحد.

جاء في المادة ١٨٦ من نظام الإجراءات الجزائية أنه: (متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالإدانة، أو عدم الإدانة بالنسبة إلى متهم معين، فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم عن الأفعال والوقائع نفسها التي صدر في شأنها الحكم. وإذا رفعت دعوى جزائية أخرى فيتمسك بالحكم السابق في أي حال كانت عليها الدعوى الأخيرة. ويجب على المحكمة أن تراعي ذلك ولو لم يتمسك به الخصوم. ويثبت الحكم السابق بتقديم صورة مصدقة منه، أو شهادة من المحكمة بصدده).

 

وجاء في المادة ۱۲۷ من نظام الإجراءات الجزائية أنه: (إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة من اختصاص محاكم متماثلة الاختصاص وكانت مرتبطة، فترفع جميعها بأمر واحد إلى المحكمة المختصة مكانا بإحداها.

فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم مختلفة الاختصاص، فترفع إلى المحكمة الأوسع اختصاصأ).

ولهذا ألا تسجل سوابق عديدة على المتهم في واقعة واحدة تعددت أفعالها.

العقوبة المناسبة للمتهم، جاء في تعميم رئيس المجلس الأعلى للقضاء، معدلا للقاعدة ٣ من قواعد التوزيع الداخلي للدعاوى لتكون بالنص التاني : (دون إخلال بالتساوي بين الدوائر المتماثلة إذا ورد للمحكمة قضايا متماثلة في موضوعها ومقامة على مدعى عليه واحد، أو كانت دعاوى جزائية خاصة اتحد فيها أطراف الخصومة، ورأى رئيس المحكمة إحالتها إلى الدائرة التي أحيلت إليها الدعوى الأولى أحالها، وأشعر المجلس إذا بلغ عدد المدعين أكثر من عشرين شخصا لاتخاذ مايراه)(٣).

 

 


المصدر

  1. رواه مسلم، في كتاب: القضية، باب: اليمين على المدعى عليه، رقم الحديث (۱۷۱۱).
  2. سورة الإسراء الآية ١٥.
  3. انظر تعميم رئيس المجلس الأعلى للقضاء ذي الرقم (۱۳۸۲/ت) في ١٤٤١/۳/۲۲هـ، وقواعد التوزيع الداخلي للدعاوى الصادرة بقرار المجلس رقم (٣٩/٦/۲۲۱) في ١٤٤١/٤/۲۱هـ.

 

 

? للتحميل: للتحميل بصيغة PDF إضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى