البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

المقدمة: شرح القواعد الفقهية في الشريعة الأسلامية

الوجيز

شرح القواعد الفقهية

في الشريعة الأسلامية

 

تأليف

الدكتور عبد الكريم زيدان

 

طبعة جديدة منقحة و مصححة

 مؤسسة الرسالة ناشرون


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الناشر

    * الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فية , كما يحب ربنا و يرضى , و صل الله علية وسلم على سيدنا محمد المبعوث للعالمين رحمة و هدى , و رضي عن آله الأطهار و صحابته الأبرار منارات العلم و الخير و التقى , و بعد :

    *فإننا نقدم اليوم الى طلاب العلم و أهل الاختصاص هذا الكتاب القيم النافع بإذن الله تعالى : “الوجيز في شرح القواعد الفقهية” , و هو ثمرة من ثمرات العلم الجليل الدكتور عبد الكريم زيدان , و معلم بارز بين مؤلفاته.

    * و غير خاف على الكثيرين ما لهذا الكتاب – كما لكثير غيره من مؤلفات الدكتور زيدان – من تميز من جهة التبويب و الترتيب , و لإحاطة بالمقصود , و الشرح المفهم المبلغ , و الصياغة العلمية الدقيقة , الأمر الذي دعا جامعات كثيرة في بلدان عديدة لتقريره ضمن مناهجها و تدريسه , و هو أمر أعطاه بدوره تنقيحا متكررا زاد في قيمته العلمية .

    * و القواعد الفقهية تعطي صورة لطالب العلم عن كثير من الأحكام الشرعية التي تندرج تحتها , و تنضبط بها .

    * و لذلك كان السعي الى معرفتها و حفظها و معرفتة تطبيقاتها أمرا يحرص عليه كل متفقه , و إنا لنرجو أن يكون هذا الكتاب مساعدا قويا في هذا المجال .

نفع الله به كاتبه و قارئه و يسره لمن يحتاجه و صلى الله على سيدنا محمد و آله و سلم

 

 

 

مقدمة الطبعة الجديدة

الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

 

  • فهذه هي الطبعة الجديدة النقحة و المزيدة لكتابي:

“الوجيز في شرح القواعد الفقهية”

وقد زدت فيه قاعدة “إذا تعذر الاصل يصار الى البدل” مع شرحها , و صار رقمها 101 , و هي آخر القواعد الفقهية , و الله أسأل أن ينفع بكتابي هذا و بما زدت فيه من يطلع عليه.

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم، و الحمد لله رب العالمين

 

تقديم

    الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

  • و بعد :

فهذه مذكرات موجزة في شرح بعض القواعد الفقهية في الشريعة الأسلامية , كتبتها على عجل لتكون عونا للطلاب في دراستهم موضوع القواعد الفقهية , آملا أن اعود الى هذا الموضوع لأكتب فيه بتوسع و شمول إن شاء الله تعالى .

و الله تعالى أسأل أن ينفع بهذه المذكرات من يطلع عليها , و أن يثيبني عليها و هو خير مسؤول و أن يوفقني دائما الى خدمة شريعته .

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم , و الحمد لله رب العالمين

المؤلف

الدكتور عبد الكريم زيدان

صنعاء في 20 \صفر \1418 ه,23\6\1997م

مقدمة

  • تعريف القاعدة لغة و اصطلاحا :

    القاعدة في اللغة تعني الأساس , و في اصطلاح الفقهاء : حكم كلي ينطبق على جميع جزيئياته أو أكثرها , لتعرف أحكامها منه .

    و في الفقه الإسلامي جملة كبيرة من هذه القواعد التي تعتبر كل قاعدة منها ضابطا و جامعا لمسائل فقهية كثيرة .

  • الفرق بين القاعدة الفقهية و الضابط الفقهي :

و الفرق بين القاعدة الفقهية و الضابط الفقهي : أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى و الضابط يجمعها من باب واحد .

  • من أمثلة الضابط الفقهي :

أخرج الإمام الترمذي في جامعه عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أيهما إهاب دبغ فقد طهر” و الإهاب : هو مالم يدبغ , و الدباغ : عبارة عن إزالة الرائحة الكريهة و الرطوبات النجسة باستعمال الأدوية أو بغيرها , و عن أبي حنيفة , عن حماد , عن إبراهيم قال : كل شيء يمنع الجلد من الفساد فهو دباغ (فقد طهر) أي : طهر ظاهره و باطنه .

من أمثلة القاعدة الفقهية (اليقين لا يزول بالشك) :

    و من القواعد الفهية قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) فهذه القاعدة تنطبق على كل مسألة فيها شيء متيقن إذا طرأ عليه شك مهما كان موضوع هذه المسألة , و الباب الفقهي الذي تنتمي اليه , و على هذا فإن حكمها يسري على فروع كثيرة من أبواب مختلفة في الفقه الإسلامي , فكل ما تيقن وجوده أو عدمه فلا يتغير حاله هذا من اليقين و جودا أو عدما بطروء الشك عليه , و إنما يتغير حاله بيقين مثله . و من تطبيقات هذه القاعدة :

    من تيقنا ثبوت الدين بذمته لا يزول هذا اليقين إلا بثبوت إبراء الدائن له , أو بأداء الدين على وجه اليقين , و من ثبت نكاحه يقينا لا يزول هذا النكاح إلا أذا طرأ عليه ما يزيله على وجه اليقين, فلا يكفي للقول بزواله مجرد طروء الشك في بقائه .

  • السنة النبوية و القواعد و الضوابط الفقهية :

   هذا و قد جاء في السنة النبوية الشريفة أحاديث كثيرة , يعتبر كل حديث منها قاعدة فقية , بل قاعدة تشريعية لما يتضمنه من حكم عام يسري على جميع ما يندرج تحت هذه القاعدة من جزيئيات أو فروع , كقوله صلى الله عليه وسلم : “كل شراب أسكر فهو حرام” و قوله صلى الله عليه وسلم : “كل مسكر حرام” فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع ؟ فقال : “كل شراب أسكر فهو حرام” قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث : البتع هو نبيذ العسل , و هو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم , و فيه أنه يستحب للمفتي إذا رأى بالسائل حاجة الى غير ما سأل عنه أن يضمنه في الجواب الى المسؤول عنه .

    و أخرج الإمام مسلم في صحيحه أيضا عن أبي موسى , قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ,

انا و معاذ بن جبل الى اليمن , فقلت : يا رسول الله , إن شرابا يصنع بأرضنا يقال له : المزر , من الشعير , و شراب يقال له : البتع , من العسل . فقال صلى الله عليه وسلم : “كل مسكر حرام” و أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “كل مسكر خمر , و كل خمر حرام” و على هذا و في ضوء هذه الأحاديث الشريفة فإن (الخمر) يطلق في الأصطلاح على كل مسكر , فكل مسكر خمر و كل خمر حرام , و هكذا فهم فقهاء الحديث و شراحه ؛لأن الخمر يطلق على كل مسكر , فكل مسكر خمر , حرام تناوله , بغض النظر عن كيفية صنعه و استخراجه , و سواء أسكر الكثير منه دون القليل , أو أسكر قليله . و سواء سمي المسكر خمرا أو لم يسم , كالمسكرات الحديثة فإنها تعتبر خمرا ما دامت مسكرة, لأن العبرة بحقائق الأشياء لا بأسمائها .

  • و في صحيح مسلم :

    عن ابن عباس رضي الله عنهما , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال و أموالهم , و لكن اليمين على المدعى عليه” و جاء في شرحه : و في رواية البيهقي و غيره بإسناد حسن أو صحيح , عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : “و لكن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر” قال النووي : و هذا الحديث قاعدة كبيرة في قواعد الشرع و على هذا فيسري حكم هذه القاعدة على كل دعوى .

  • استخراج القواعد الفقهية من الأحاديث النبوية :

    و قد استخرج الفقهاء بعض القواعد الفقهية من الأحاديث النبوية , فقد يرد في السنة النبوية حديث نبوي شريف فيستنبط الفقهاء منه قاعدة فقهية لما يتضمنه من معنى يصلح أساسا ليصياغة قاعدة فقهية معينة , من ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عباد ابن تميم , عن عمه انه شكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاه ؟ فقال : ” لا ينفتل – أو : لا ينصرف – حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا” و معنى (يجد ريحا) أي : الحدث خارجا منه , و دل الحديث على صحة الصلاه ما لم يتيقن الحدث , و ليس المراد تخصيص هذين الأمرين باليقين؛ لأن المعنى إذا كان اوسع من اللفظ كان الحكم للمعنى . و قال الإمام النووي : هذا الحديث أصل في حكم بقاء الأشياء على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ولا يضر الشك الطارئ عليها . فما قاله الإمام النووي يعتبر قاعدة فقهية يمكن التعبير عنه بما قاله الحنفية في قواعدهم الفقهية : “اليقين لا يزول بالشك” و يعتبر الحديث النبوي أساسا لهذه القاعدة , و روى هذا الحديث أيضا الإمام مسلم في صحيحه بلفظ :الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ,فقال صلى الله عليه وسلم : “لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا” .و جاء في شرحه : و هذا الحديث أصل منأصول الإسلام و قاعدة عظيمة من قواعد الفقه , و هي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها , حتى يتيقن خلاف ذلك , و لا يضر الشك الطارئ عليها , فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث و هي أن من يتيقن الطهاره و شك في الحديث حكم ببقائه على الطهارة , و لا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة و بين حصوله خارج الصلاة .

  • و من ذلك قاعدة :

“من شك , هل فعل شيئا أو لا , فالأصل أنه لم يفعل” , أو قاعدة : “من تيقن و شك في القليل و الكثير حمل على القليل لأنه المتيقن” , فهذه القاعدة و التي قبلها ستخرجة من الحديث النبوي الشريف فهو أساسها و مدارها , و هذا الحديث و هو ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا شك احدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ؟ ثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك و ليبن على ما استيقن , ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم , فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته , و إن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان” و أخرج الإمام الترمذي في “جامعه” عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحده , فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين , فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث و ليسجد سجدتين قبل أن يسلم” .

زر الذهاب إلى الأعلى