البحوث القانونية

عيوب الرضا (العقود وصياغتها)

“عيوب الرضا”

الرضا ركن من أركان العقد فبدونه لا نكون أمام عقد صحيح  ، وللرضا عيوب عند التحدث عنها ، لابد من الوقوف على مناط الرضا وهي الإرادة ،فالإرادة لدى المتعاقد قد تكون معدومة ،كإرادة الصبي غير المميز أو المجنون ويترتب عليها بطلان العقد ، وقد تكون الإرادة موجودة (إذا صدرت من كامل الأهلية) ولكنها معيبة بعيب (الإكراه أو التغرير والغبن أو الغلط) ففي هذه الحالات  لا يكون العقد باطلاً وإنما يكون العقد موقوفاً وفي حالات أخرى يكون عقد صحيح لكنه غير لازم أي يجوز للمتعاقد فسخه(بحسب القانون المدني الأردني والشريعة الإسلامية) ، وباطلاً بطلاناً نسبياً (بحسب القانون الفرنسي والمصري).

 

*  عيوب الرضا :

اولا : الإكـــــــــراه

للإكراه إطارين ،  يتمثل الأول بالإكراه المعدم للرضا كمن يمسك بيد المُكره ويجبره على توقيع عقد البيع فهنا تكون الإرادة معدومة وبالتالي يترتب عليه بطلان العقد ، ولكن ما يهمنا هو الإطار الثاني للإكراه أي الإكراه المفسد للرضا 🙁 إجبار شخص بغير حق على أن يعمل عملاً دون رضاه ويكون مادياً أو معنوياً)

_وعليه يفهم  أن للإكراه نوعين هما :

  1. إكراه مادي : وهذا النوع يقع على جسم الإنسان فيقبل الشخص بإبرام العقد بهدف التخلص من ألآم.
  2. إكراه معنوي : يتمثل في التهديد بالإيذاء أو القتل فيقبل الشخص بالتعاقد بداعي الخوف مستقبلاً.

_ والإكراه في الغالب ما يكون إيجابي ( أي التهديد بالقيام بعمل) وقد يكون سلبي( يتمثل في الامتناع عن عمل ) .

 

_والتقسيم الأكثر أهمية في الإكراه هو انقسامه إلى :

  1. الإكراه الملجئ :هو الذي يقع بتهديد بخطر جسيم على الجسم أو المال ، كالتهديد بالقتل أو بإتلاف المال.
  2. الإكراه غير الملجئ:هو مادون ذلك أي الإكراه الذي لا يصل إلى حد القتل أو إتلاف المال ،  كالحبس أو التأنيب أمام الناس .

 

 الفرق بينهما :

1- الإكراه الملجئ يعدم الرضا ويفسد الاختيار ، و المقصود من أنه يعدم الرضا أي يعدم رغبة المتعاقد في آثار العقد كرغبته في تملك المبيع في عقد البيع أو رغبته في استعمال العين المأجورة  ،والمقصود من أنه يفسد الاختيار أي انه يفسد اختيار المتعاقد في قصده بالألفاظ أو العبارة المنشئة للعقد كقوله قبلت السيارة في مدة شهر أن لم احصل عليها في المدة المحددة يسقط قبولي بالمبيع.

2- الإكراه غير الملجئ يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار .

3- الإكراه الملجئ طالما أنه يعدم الرضا ويفسد الاختيار فهو بذلك يؤثر على جميع التصرفات القولية والفعلية للمتعاقد ، بينما الإكراه غير الملجئ يؤثر فقط في التصرفات القولية دون الفعلية.

 

حكم الإكراه : سواء كان الإكراه ملجئ أو غير ملجئ فالعقد يكون (موقوف) أي غير نافذ و لا ينفذ إلا بإجازة المكره نفسه (أي من وقع عليه فعل الإكراه) .  أي ان الجزاء على الإكراه هو عدم نفاذ العقد ، إلا أنه يجوز للمكره أو ورثته بعد انقطاع الإكراه إجازة العقد صراحة أو ضمناً بتنفيذ ماتضمنه من التزامات وفي هذه الحالة يأخذ حكم العقد الصحيح.

شروطه : 

لكي يكون الإكراه عيباً من عيوب الرضا لابد من توافر شروط هي :

1-عدم مشروعية الإكراه : إذا كان الغرض من الإكراه هو حصول المُكره على شي ليس له فيه حق كان الإكراه غير مشروع كمن يهدد شخص بالتشهير به إن لم يحصل على قطعة أرض يملكها. إلا انه قد يكون الإكراه مشروعاً أي الغاية منه حصول المكره على حق له .

2-قدرة المكره على إيقاع تهديده : نصت عليه م140 قانون مدني أردني ومفادها أن هذه المادة أخذت بمعيارين هما المعيار الذاتي أي الرهبة التي يولدها الإكراه في نفس المتعاقد فيحمله على التعاقد واتفقت في هذا المعيار مع الفقه الحديث ، والمعيار المادي وهو أن يكون من صدر منه الإكراه قادراً على إيقاع ما هدد به.

3-بعث الرهبة في نفس المكره :الإكراه في ذاته لا يعيب الرضا وإنما يعيبه ما يولده في نفس المكره من رهبة ، وهذه الرهبة عاده ما تنبعث من التهديد بإلحاق الأذى بالنفس كالقتل أو بالجسم كالضرب أو بالمال كالإتلاف ولا يشترط في الرهبة أن يكون التهديد بإلحاق الأذى خاصاً بشخص المتعاقد أو بماله وشرفه وإنما يشمل كل من يرتبط معه برابطة القرابة والنسب  .

 

 حكم الإكراه الناشىء عن حالة الضرورة :

إذا تولد الإكراه عن حالة ضرورة واستغل العاقد هذه الحالة للضغط على إرادة من وقع تحت تأثيرها لحمله على التعاقد أو للحصول على مقابل ما كان ليحصل عليه في الظروف العادية ،  فإن مثل هذا الإكراه يُعتد به أي انه يفسد الرضا وهذا ما أخذه به القضاء الأردني وإن لم ينص عليه القانون المدني الأردني صراحة ً بينما اخذ به الفقه الإسلامي (توجد العديد من أحكام محكمة التمييز الأردنية أخذت بهذا الحكم).

 

ثانيا : التــــغرير ( التدليس )

التغرير هو أن يخدع أحد المتعاقدين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها .

أنواع التغرير :

 

  1. قوليا ، أي ناتج عن قول المتعاقد الآخر (كقوله هذه الساعة كانت تعود ملكيتها في يوم من الأيام لبلقيس ملكة سبأ ، فيقع ذلك في نفس المشتري ويقبل بالشراء ظنناً منه أنها ثرية).
  2. فعليا ، أي ناتج عن  فعل المتعاقد الآخر (كصبغ الثوب القديم ليظهر بأنه جديد وهكذا).

عناصر التغرير :

لكي يكون التغرير عيباً من عيوب الرضا لا بد له من عناصر أو شروط هي :

1-استعمال الحيلة : لأن الحيلة قد تكون بصور شتى ومختلفة

باختلاف حالة العاقد المغرور  ، فهي بذلك تكون وفق معيار ذاتي ، بحيث تتكون هذه الحيل من وقائع إيجابية أي من تأكيدات كاذبة تسندها طرق احتيالية بقصد إخفاء حقيقة الأمر عن المتعاقد ، كالكذب والكتمان .

فكل إخفاء لواقعة لها أهميتها في التعاقد سواء كان ذلك بطريق إيجابي وهو الكذب أو بطريق سلبي وهو السكوت المتعمد أي الكتمان يعتبر تغريراً مفسداً للرضا إذا اكتملت فيه كافة العناصر المكونة للتغرير.

 

التغرير المتعلق بنقص الأهلية : لا يعتبر مجرد الكذب والكتمان الذي قد يلجأ إليه  القاصر بقصد إبرام العقود تغريراً إلا إذا كان هذا الكذب والكتمان مصحوباً بوسائل احتيالية أخرى كتقديمه شهادة ميلاد مزورة ففي هذه الحال يكون ما قام به ناقص الأهلية تغريراً ويلزم بتعويض المغرور (أي المتعاقد الآخر الذي وقع عليه فعل التغرير من جانب ناقص الأهلية) .

 

2-نية التضليل للوصول إلى غرض غير مشروع : لابد في الحلية التي يستعملها المتعاقد في التغرير مصحوبة بنية التضليل والخداع للوصول إلى هدف غير مشروع ، فبدون نية التضليل والخداع ، لا نكون أمام تغرير ،كما يجب أن يكون الهدف من التضليل هو الوصول الى غرض غير مشروع وإن كان الغرض مشروعاً فلا نكون أمام تغرير كما لو استعمل المودع طرق احتيالية بهدف تضليل المودع عنده لحمله على الإقرار بوجود الوديعة لديه إذا تبين له عدم أمانته.

3-أن تكون الحيلة مؤثرة : يقصد بها أن تكون الحيلة قد بلغت من الجسامة حداًُ يعتبر دافعاً للمتعاقد على التعاقد  ، وجسامة الحيلة يرجع فيها إلى معيار ذاتي أي متعلق بشخصية المغرور أي أنها تتوقف على حالة المغرور (أي الشخص المدلس عليه) فهناك أناس يسهل خداعهم وأناس من الصعب خداعهم.

 

* حكم التغرير او التدليس الصادر من أجنبي عن العقد :

(إذا صدر التغرير من غير المتعاقدين وأثبت المغرور أن المتعاقد الآخر يعلم بالتغرير وقت العقد جاز له فسخه) .يلاحظ  أنه يشترط لكي يفسخ المغرور العقد لابد ان يثبت أن المتعاقد الآخر متواطئ مع الغير (أي الأجنبي الذي لا طرف له في العلاقة) وإلا  لا مساس على وجود العقد وصحته وذلك بهدف استقرار المعاملات .

 

ثالثا : الغبن :

الغرض من عقود المعاوضة (البيع) أن يكون كلا العوضين (أي ما يدفعه المشتري للبائع مقابل ما يأخذه) متعادلين في القيمة أما إذا كان غير متعادلين كأن يكون أقل من قيمته أو أكثر منها نكون أمام ما يسمى (بالغبن) كعيب من عيوب الرضا ، والغبن كما قد يكون في جانب البائع قد يكون في جانب المشتري أيضا.

 

أنواع الغبن : 

1 – الغبن اليسير: هو كل ما يدخل تحت تقويم المقومين (أي تقدير الخبراء) للشيء محل العقد .فمثلاً إذا بيعت سيارة قيمتها 80 ألف ريال سعودي ،وقومها أحد الخبراء بثمانية ألف ريال ، والآخر قومها بسبعين ألف ريال ، والثالث بمائة ألف ريال ، كان الغبن يسيراً واعتبر يسيراً لأن النقص فيه ليس متحققاً بل متحملاً فقط .

*أثـــــــر الغبن اليسير (( لا يؤثر الغبن اليسير في رضا المتعاقد ، لأن هذا الغبن قلما يخلو منه عقد ، فالعاقد مهما احترز فلن يستطيع أن يتفاداه في كل عقوده ، وعليه نقول أن الأصل في الغبن اليسير لا يعيب الرضا ولكن المشرع الأردني استثنى من ذلك حالتين نص عليهما في المادة 147 مدني وهما : الغبن اليسير الذي يصيب مال المحجور عليه لدين ، والمريض مرض الموت ، بشرط أن يكون دينهما مستغرقاً لما لهما ففي هذه الحالات يكون العقد موقوف على رفع الغبن أو إجازته من الدائنين (إي دائني المحجور عليه والمريض مرض الموت) وإلا بطل العقد.

 

2-الغبن الفاحش: هو الذي لا يدخل تحت تقويم المقومين أي الخبراء (عكس الغبن اليسير تماماً).

أثـــــر الغبن الفاحش (( في حالة الغبن الفاحش فان العقد يكون حكمه فاسداً ويجوز بالتالي فسخه إذا وقع على مال المحجور عليه ومال الوقف وأموال الدولة . وعليه إذا باع الولي أو الوصي مال الصغير المحجور عليه لصغر ، أو باع ناظر الوقف مال الوقف أو باع المأمور مالاً من أموال بيت المال بغبن يسير صح البيع ، أما إذا كان بغبن فاحش فإن العقد يكون فاسداً وحتى ولو لم يكن المشتري غاراً .

 

* حالات سقوط الحق في الفسخ بالغبن الفاحش المصحوب بتغرير :

*موت المغرور :  يعد سبب من أسباب سقوط الحق في طلب فسخ العقد وعليه لا ينتقل هذا الحق إلى الورثة بعد وفاته.

 

* الإجازة الضمنية :يقصد بالإجازة أي سماح المتعاقد وقبوله بالغبن الفاحش المصحوب بالتغرير الواقع عليه وقد تكون صريحة وقد تكون ضمنية ، فالإجازة الضمنية هي صدور تصرف من المغرور في محل العقد كله أو بعضه مع علمه في وقت التصرف بالغبن الفاحش والعيب اللاحق بالعقد يستفاد منه قبوله بذلك وإجازته له .

* عدم إمكان إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد : كأن يستهلك الشيء المبيع باستعماله له ، أو أن تعيب المبيع بيده أو أن تطرأ زيادة أو نقص في المعقود عليه .

 

رابعا :الغلـــــــــط

 

الغلط  :هو ما  يقوم في ذهن المتعاقد يحمله على اعتقاد غير الواقع مما يدفعه إلى التعاقد .

أنواعــــه : للغلط عدة أنواع تناولها كلا من القانون المدني الأردني والشريعة الإسلامية ، وهي :

1)  الغلــــــط المـــــــــــــــــانع :

الغلط المانع هو الغلط الذي يقع في ماهية العقد (أي يقع في محل المعقود عليه أو سبب التعاقد) كمن يؤجر منزله في مقابل أجرة سنوية قدرها 12 ألف ريال في حين يعتقد المستأجر أن مالك المنزل باعه منزله في مقابل أقساط مرتبه قدرها 12 ألف ريال تدفع كل سنة .

حكمــــــــه : حكم العقد بـــــــــاطل ، والسبب في بطلانه هو عدم تطابق الإرادتين ( أي الإيجاب بالقبول) وبالتالي سميّ هذا النوع من أنواع الغلط بالمانع لأنه يمنع من انعقاد العقد.

 

    2 )  الغلــــــــــــــط غير المــؤثر :

على عكس الغلط المعيب للرضا والغلط المانع ، فهو يكون في حالات معينة ، أما أن يقع المتعاقد في غلط في صفة غير جوهرية في الشيء محل الالتزام (كالمبيع مثلاً) ، أو الغلط في شخص المتعاقد الآخر إذا لم تكن شخصيته محل اعتبار  وكذلك الغلط في قيمة الشيء المعقود عليه .

    3) الغلــــــــط المعيـــــــــب للـــــرضا (الغلط الجوهري) :

هو الغلط الذي يتحد فيه جنس المبيع ولكنه يُفوّت على المتعاقد وصف مرغوب فيه أو صفة جوهرية في المعقود عليه إذا كانت محل اعتبار في العقد ،  كمن يشتري ياقوتاً أحمر فإذا هو بأصفر . فهذا النوع من الغلط لايعيب الإرادة ولكنه يمس وجودها فهو لا يمنع من وجود العقد صحيحاً وإنما من شأنه ان يجعله غير لازم أي يجوز فسخه.

حكمه : في حالة الغلط  غير المؤثر يكون العقد صحيحاً فلا أثر للغلط غير المؤثر على صحة العقد ولا يفسد الرضا .

 

صــــــــــوره : له عده صور هي :

1-الغلط في صفة جوهرية في الشيء : يقصد بالصفة الجوهرية في الشيء محل العقد أنه لولا هذه الصفة ما أقدم المتعاقد على العقد بمعنى هي الدافع الرئيسي من وراء إبرام العقد ، كشراء ساعة  على أنها أثرية فيتضح للمشتري بعد إبرام العقد أنها حديثة الصنع.

حكمه : عقد صحيح غير لازم بمعنى يجوز للعاقد فسخ العقد

 

2- الغلط في شخص المتعاقد : يقصد به أن شخصية المتعاقد الآخر محل اعتبار في العقد بمعنى لولا ذات المتعاقد او صفة معينة في الشخص ما كان ليقدم المتعاقد على العقد .

حكمه :يجوز للعاقد فسخ العقد.

 

* حالات الغلط الذي لا يعيب الإرادة :

1– الغلط في قيمة الشيء: ويقصد به مجرد الغلط في (تقدير) قيمة الشيء ، ومعنى ذلك إذا لم يكن الغلط في تقدير قيمة الشيء محل العقد ناتج عن غبن فاحش مصحوباً بتغرير فلا أثر على صحة العقد ، إما إذا كان الغلط في القيمة راجعاً إلى غلط في( صفة جوهرية في الشيء) أي إلى وصف مرغوب فيه فأنه يجوز فسخ العقد على أساس الغلط في الصفة الجوهرية وليس على أساس الغلط في القيمة .

2– الغلط في الباعث : إذا كان الغلط في الباعث أي الدافع للتعاقد غير متصل (بصفة جوهرية في الشخص أو الشيء) فلا أثر على صحة العقد أي لا يجوز فسخه ،كموظف في بلدية الرياض استأجر بيت في الخرج ظنناً منه أنه نقل وظيفياً إليها.

 

*الغلط في القانون :

إذا كان الغلط  وقع في القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام فلا يُعتد به وبالتالي لا يجوز فسخ العقد لأن الجهل بالقانون لا يصلح عذراً ، أما إذا كان الغلط في القانون جوهرياً ولم يتعلق في قاعدة عامة تتصل بالنظام العام فأنه يجوز للمتعاقد التمسك بهذا الغلط ليفسخ العقد  كأن يتعهد شخص بالوفاء بدين طبيعي ظنناً منه أنه هو دين مدني يجب عليه قانوناً الوفاء به ، ثم يتضح بعد ذلك أنه دين طبيعي لا جبر في تنفيذه ، أو يبيع شخص نصيبه في التركة معتقداً انه الربع في حين انه يرث الثلث.

 

* الغلط في  الحساب او الكتابة :

يقصد بهذا النوع من الغلط ، بالغلط المادي ، وهذا النوع لا يؤثر على صحة العقد وإنما يجب تصحيحه .

 

ثانيا : المحل:

تعريف محل الالتزام:  محل الالتزام هو الشيء الذي يلتزم المدين القيام به والمدين يلتزم كما قدمنا إما بنقل حق عيني أو بعمل أو بالامتناع عن عمل .

 

الشروط الواجب توفرها في محل الالتزام: 

  1. موجودا إذا كان شيئا أي محلا لالتزام بنقل حق عيني أو ممكنا إذا كان عملا أو امتناعا عن عمل .
  2. معينا أو قابلا للتعيين 
  3. قابلا للتعامل فيه (مشروع) .

 

المحل موجود أو ممكن :

  1. المحل موجود : والمعنى المقصود من الوجود هو أن يكون الشيء موجودا وقت نشوء الالتزام أو أن يكون ممكن الوجود بعد ذلك 

أن يقع الالتزام على شيء موجود فعلا لا على شيء ممكن الوجود فإذا لم يكن الشيء موجودا في هذه الحالة حتى لو أمكن وجوده في المستقبل فإن الالتزام لا يقوم  كذلك يكون الحكم إذا وجد الشيء ثم هلك قبل وجود الالتزام أما إذا هلك بعد نشوء الالتزام فإن الالتزام يكون قد قام وقت نشوئه على محل موجود ويكون العقد بعد ذلك قابلا للفسخ إذا تسبب عن هلاك الشيء عدم قيام أحد المتعاقدين بما التزم به  .

ما يمنع من أن يكون المحل القابل للتعيين غير موجود وقت نشوء الالتزام  إذا كان من شأنه أن يوجد أو أن يكون من الممكن وجوده في المستقبل .

 

التركة المستقبلة:

يعد التعامل في التركات المستقبلة مخالفا للآداب لأن من يتعامل في تركة شخص لا يزال حيا إنما يضارب على موته ويعده كذلك مخالفا للنظام العام إذ هو خليق أن يغرى ذا المصلحة بالتعجيل بموت المورث .

 

المحل الممكن:

أما الالتزام الذي يكون محله عملا أو امتناعا عن عمل فيجب أن يكون المحل فيه ممكنا فإذا كان محل الالتزام مستحيلا فإن الالتزام لا 

يقوم  ويكون العقد  باطلا لأنه لا التزام بمستحيل

 

الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية : 

أن الاستحالة النسبية لا تجعل العقد باطلا سواء أكانت الاستحالة سابقة على وجود العقد أم لا حقه له  وإنما تجعل في الحالتين قابلا للفسخ إذا كان ملزما للجانبين لعدم إمكان قيام الملتزم بالتزامه أما الاستحالة المطلقة فإن كانت سابقة على وجود التعهد فإنها تجعل العقد باطلا وإن كانت لا حقه جعلته قابلا للفسخ إذا كان ملزما للجانبين 

 

الاستحالة الطبيعية والاستحالة القانونية : 

والاستحالة في الأمثلة التي قدمنها استحالة طبيعية وقد تكون الاستحالة قانونية  أي ترجع لا إلى طبيعة الالتزام بل إلى سبب قانوني كما إذا تعهد محام  برفع الاستئناف عن حكم بعد انقضاء الميعاد القانوني أو نقض في قضية لا يجوز فيها النقض .

 

والاستحالة القانونية حكمها حكم الاستحالة الطبيعية المطلقة:

تمنع وجود الالتزام إذا وجدت قبل التعهد به 

وتنهى الالتزام إذا وجدت بعد ذلك .

 

 المحل معين أو قابل للتعيين 

كيفية تعيين المحل 

تعيين محل الالتزام إذا كان عملا أو امتناعا عن عمل : إذا التزم شخص أن يقوم بعمل أو يمتنع عن عمل وجب أن يكون يتعين هذا البناء أو وجب على الأقل أن يكون قابلا للتعيين ،أما إذا اقتصر المقاول على أ ن يلتزم بإقامة بناء دون أن يعين أي نوع من البناء هو كان المحل غير معين وغير قابل للتعيين فلا يقوم الالتزام على محل كهذا لأنه في حكم  المعدوم .

 

تعيين محل الالتزام في الشيء موضوع الحق العيني :
وإذا كان الالتزام محله نقل حق عيني على شيء وجب كذلك أن يكون هذا الشيء معينا أو قابلا للتعيين وهنا يجب التمييز بين الشيء المعين بالذات والشيء الغير معين 

  1. المعين بالذات :

وجب أن تكون الذاتية الشيء معروفة فيوصف الشيء وصفا يكون مانعا للجهالة فإذا باع شخصا منزلا وجب أن يبين موقع هذا المنزل في أي جهة هو أن يذكر أوصافه الأساسية التي تميزه عن غيره من المنازل الأخرى.

 

  1. غير معين:

وجب أن يكون معينا بجنسه ونوعه ومقداره كأن يذكر مثلا أن المبيع قطن من نوع الأشموني وأن مقداره عشرين قنطارا .

 

فإذا لم يحدد المقدار وجب أن يتضمن العقد ما يستطاع به تحديده كما إذا تعهد شخص بأن يورد أغذية معينة النوع لمستشفى معين أو مدرسة معينة فالمقدار اللازم من هذه الأغذية وإن لم يحدد في العقد قابل للتحديد وفقا لحاجة المستشفى أو المدرسة .

وقد يقتصر التعيين على بيان الجنس والنوع والمقدار دون أن تذكر درجة الجودة ودون أن يمكن استخلاصها من العرف .

أو من ظروف التعاقد ففي هذه الحالة يجب أن يكون الصنف متوسطا .

 

تعيين محل الالتزام إذا كان نقودا 

تعيين النقود العملة الورقية ذات السعر القانوني : 

إذا كان محل الالتزام نقودا وجب أن تكون هي أيضا  معينة بنوعها ومقدارها شأن أي محل الالتزام .

 

العملة الورقية ذات السعر الإلزامي ( شرط الذهب ) فإذا تقرر للعملة الورقية سعر إلزامي ظهرت خطورة المسألة لأن العملة الورقية ذات السعر الإلزامي تكون قيمتها الاقتصادية أقل من قيمتها القانونية وتنقص هذه الاقتصادية كلما زاد التضخم 

العادة أ يشترط الدائن استيفاء حقه ذهبا وهذا ما يسمى بشرط الذهب  ( clause dor)

ولا يجوز في المعاملات الداخلية وأن الشرط يكون باطلا لمخالفته النظام العام.

 

رابعا:”السبب”

 

ينقسم لقسمين:

  1. موضوعي
  2. شخصي

 

  • الموضوعي:

وهو الذي لا يختلف من عقد لآخر فهو واحد في كل العقود مثل : البائع باع السلعة ليأخذ الثمن والمشتري  اشتراها ليحصل على السلعة.

 

  • الشخصي :

وهو الباعث على التعاقد  ويختلف من شخص لآخر   ويشترط فيه ان يكون مشروعاً،

أي لايخالف النظام العام والآداب ولا أحكام الشريعة الإسلامية ،ويبطل العقد إذا ظهرت النية عند التعاقد ولو لم تظهر فلعقد صحيح.

 

مثال:

شخص اشترى العنب بقصد عصره خمرا , فاذا ظهرت نيته للبائع فالعقد باطل وإذا لم تظهر فالعقد صحيح وشرعا وقانونا العقد صحيح .

 

زر الذهاب إلى الأعلى