أحكام القضائية السعوديةالأحكام والاستشارات القضائيةالبحوث القانونية

‏تعويض عن حجز سيارة سبع سنوات أجرة المثل يد الضمان و الأمانة تحقيق معنى الغصب أتعاب التقاضي

‏تعويض عن حجز سيارة سبع سنوات أجرة المثل يد الضمان و الأمانة تحقيق معنى الغصب أتعاب التقاضي، تسبيب فقهي ممتع

الأسباب

حيث يهدف المدعي من الدعوى إلى إلزام المدعى عليها بتعويضه عن تلف سيارته بسبب إبقائها، في الحجز وعدم تبليغه بعد العثور عليها بمبلغ وقدره (584,000) خمسمائة و أربعة و ثمانون ألف ريال، فإن هذه الدعوى تكون من دعاوى التعويض عن أعمال جهة الإدارة والتي تختص بها المحاكم الإدارية طبقا للمادة (13/ج) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 78) وتاريخ

1428/09/19هـ والتي نصت على أنه تختص المحاكم الإدارية بالفصل في الآتي (ج- دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن أعمال أو قرارات جهة الإدارة) كما أن الدائرة تختص مكانيا بنظر الدعوى استناداً للمادة الثانية من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 1435/1/22هـ و محاله للدائرة نوعياً وفقاً لقرارا رئيس مجلس القضاء الإداري رقم 44 لعام 1436هـ, أما عن قبول الدعوى: فإن نشوء الحق في مثل هذه الدعوى يكون من تاريخ علم المدعي بوجود السيارة في الحجز، و الذي كان في عام 1435 هـ مما تكون هذه الدعوى مقبولة شكلاً لإقامتها خلال المدد النظامية المنصوص عليها في المادة الثامنة من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم، أما عن الموضوع: فمن الثابت أن المدعي يملك سيارة نيسان نوعها داتسون غمارتين صنعت عام 1993م تحمل رقم تسجيل مروري (أح ي 357)، وقد سرقت بتاريخ 1428/09/01هـ ثم تقدم ببلاغ لدى مركز شرطة النسيم بمدينة الرياض، و بعد البحث والتحري عثرت عليها المدعى عليها في محافظة عفيف التابعة لمنطقة الرياض، وقد أدخلتها المدعى عليها إلى الحجز دون تبليغه بالعثور عليها في وقتها، إلى أن قامت بتاريخ 1430/05/10هـ بالاتصال عليه و إخباره أنها موجودة في حجز السيارات، و قد تبين أنها هناك منذ فترة طويلة جداً و قد وقع النزاع بين الطرفين في تحديد تاريخ دخولها للحجز بين دخولها في شهر رمضان عام 1428هـ و هذا ما يدعيه المدعي و بين دخولها في 1429/03/18هـ وهذا قول المدعى عليها، و المدعي يطلب تعويضه عن خطأ جهة الإدارة في عدم تبليغه طوال هذه المدة و احتجاز السيارة بالحجز مما سبب تلف السيارة بسبب الشمس و الوقوف الطويل، ومنعه من الانتفاع بها طوال هذه المدة، و يطلب أن يكون تعويضه بأجرة المثل بواقع 200 ريال يومياً عن ثمان سنوات و يجمل مطالبته بمبلغ قدره (584,000), خمسمائة و أربعة و ثمانون ألف ريال، لذا فإن الدائرة و في سبيل نظرها لطلب المدعي التعويض، انتهت إلى أن أركان المسؤولية التقصيرية متحققة، فالخطأ ثابت بسبب عدم تبليغ المدعي بعد العثور على السيارة التي كان قد تقدم قبل العثور عليها ببلاغ سرقة، و كأن الواجب على المدعى عليها تبليغه بالعثور عليها في حينها و إلا فما فائدة تقييد بلاغ السرقة؟! و الضرر واقع عليه بسبب غل يده عن سيارته ومنعه من الانتفاع بها طوال هذه المدة، و العلاقة بين الخطأ المتمثل في عدم التبليغ بعد أن تقدم المدعي ببلاغه عن سرقتها، و الضرر الواقع على المدعي علاقة ظاهرة الوضوح، مما لم يتبق معه للدائرة إلا أن تجتهد في تقدير التعويض الجابر للضرر الواقع على المدعي بموجب أحكام الشريعة السمحة و القواعد العامة التي لا تخالفها، فالشريعة حاكمة و مهيمنة و لا سبيل على أموال الناس إلا بما تقرره قال تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، و بالنظر في وقائع الحادثة نجد أن السيارة سرقت من مجهول بتاريخ 1428/09/01هـ ثم عثر عليها في محافظة عفيف بعد ذلك، فقامت المدعى عليها بسحبها من الشارع و إيداعها للحجز بسبب ما تبين لها بأنها مسروقة، وقد قام خطأ الجهة الذي لم تثبت عمليته و يصعب ذلك بإيداعها للحجز و ترك تبليغ صاحبها بالعثور عليها، وبما أن ترك التبليغ من الأفعال السلبية، و التي يصعب إثبات القصد فيها، إذ أن الترك: إبقاء للحالة الأصلية دون اتخاذ فعل ظاهر ينقل عنها. و هذا الترك و إن كان فعلاً عند جمهور الأصوليين إلا أن إثبات القصد عليه صعب و متعذر إلا بإقرار صاحبه و إفصاحه عن قصده، ولما لم يحصل ذلك، ولما كان الأصل في أعمال جهة الإدارة ابتغاء المصلحة و على من يدعي غير ذلك تقديم البينة، يتبين أنه لا يمكن بحال عديد الجهة على السيارة يد غصب مطلقاً، و ذلك لعدة أمور:

1/ يد الغاصب لا تقر من أصل وضع اليد، و هو غير مأذون له بأخذ السيارة مطلقاً ، بخلاف الجهة المأذون لها نظاماً بتحريز السيارة لمالكها .

2/ أن الغاصب الأصلي هو من سرق السيارة، و الجهة ليست كذلك. 3/ أن القصد في عدم تبليغ المدعي خفي، و بالتالي يبقى على الأصل الذي هو ابتغاء جهة الإدارة من أعمالها نفع الناس لا الإضرار بهم، و الغالب من حيث الوقوع هو الخطأ الإجرائي غير المتعمد.

مما يتبين معه أن تطبيق أحكام الغصب على عمل الجهة في عدم تبليغ المدعي بعيد عن الصواب، و بالتالي فلا يمكن تحميلها أجرة المثل عن مدة بقاء السيارة عندهم، إذ أن هذا الحكم (التضمين بأجرة المثل) إنما هو في أحكام الغصب في الفقه الإسلامي، و عمل الجهة هنا بعيد عنه، بل ترى الدائرة أن الفعل هنا أقرب لحالة (التقاط اللقطة و نسيان تعريفها) بجامع: جواز الإلتقاط بنية التعريف، وهو ما يختلف عن الغصب غير المأذون فيه الأخذ مطلقاً، وإلى هذا التفريق ذهب ابن رجب في قواعده – القاعدة الثالثة و الأربعون- بعنوان : القاعدة فيما يضمن من الأعيان بالعقد أو باليد. فقد قال فيها: (القابض لمال غيره لا يخلو إما أن يقبضه بإذنه أو بغير إذنه، فإن قبضه بغير إذنه، فإن استند إلى إذن شرعي كاللقطة؛ لم يضمن، و كذا إن استند لإذن عرفي كالمنقذ لمال غيره من التلف و نحوه . و نص أحمد على أن من أخذ عبداً أبقاً ليرده، فأبق منه فلا ضمان عليه، لكن قد يقال: هنا إذن شرعي في أخذ الآبق لرده، و إن خلا عن ذلك كله؛ فهو متعد، و عليه الضمان في الجملة، هذا إن كان أصل القبض غير مستند إلى إذن ) و مما سبق يتضح: أن يد الجهة على السيارة بتحريزها مأذون فيه، و لكن الخطا يتمحض في دوام إمساك السيارة دون تبليغ المدعي، مما يخرج هذه الحالة عن أحكام الغصب لغيره، مما تسقط معه أجرة المثل. و ترى الدائرة أن الضمان هنا واجب على الجهة برد العين بحالتها إن كانت سليمة من العيوب -و الحال يشهد بأنها ليست كذلك؛ بل هي في حكم التالفة – أو بقيمتها عند التلف أو الفقدان، و إلى هذه تتجه الدائرة في حكمها و تقضي بإلزام المدعى عليها بدفع قيمتها التقديرية باعتبارها سليمة من العيوب عام 1428هـ وذلك أخذاً بالقاعدة ( الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته) و أقرب الأوقات ثبوتاً هو تاريخ العثور على السيارة ، لاسيما وقد سألت الدائرة ممثل المدعى عليها عن حالة السيارة وقت العثور عليها فاستمهل لعدة جلسات و لكل من الجواب، و قد ندبت الدائرة التقدير قيمة السيارة باعتبار المثل (قيمة المثل) رئيس معارض السيارات شرق و شمال شرقي الرياض (الحميدي حمود العوني، و انتهى تقدير قيمة السيارة عام 1428 للهجرة باعتبارها سليمة من العيوب بما قدره 16 ألف ريال، وقد اطمأنت الدائرة لهذا التقدير، كما أطلعت عليه طرفي النعوي ولم يقدمها ما يقيد الاعتراض عليه ، مما تقضي به الدائرة و تحكم به على المدعي عليها بدفع مبلغ 16 ألف ريال للمدعي تعويضاً عن سواها. كما أنها تقضي بمصروفات الخير على الطرف الخاسر لما اتفق عليه الطرفان قبل ندب الحبير و لما نصت عليه قواعد الاستعانة بالخبراء الصادرة بقرار مجلس القضاء الإدارية و المنشورة تاريخ 1438/05/29هـ، و قد بلغت مصروفات العبير مبلغاً قدره (157,050), مائة وسبعة وخمسون الف ريال وخمسون هللة، وبها تقضي الدائرة على المدعي عليها ، أما عن أتعاب التقاضي: فالثابت أن المدعي وكل غيره في هذه الدعوى، التي بلغت بعلمائها ليالي الدائرة زهاء 15 هلسية ، وكان قد تقدم قبلها لذات المحكية عن طريق وكيله و صدر الحكم بعدم الاختصاص الملالي، ثم المحكمة العامة و صدر الحكم بعدم الإختصاص الولائي، ثم تقدم للجنة الفصل في تنازع الاختصاص و صدر قرارها باختصاص المحكمة الإدارية، وقد استغرق للحصول على حكمة الابتدائي في الموضوع ما يزيد عن ثلاث سنوات بين المحاكم، فضلاً عن صحائف الادعاء و المذكرات أثناء المرافعة، ولها ثبت للدائرة مخالفة المدعوم عليها في فعلها و ثبوت محلها، وقد صدر الحكم لصالح المدعي و كسب الدعوى، و لما كان من المقرر فقها أن من أحوج خصمه إلى الشكاية فما غرمه الخصم بسبب ذلك فهو بسبب الظالم المبطل إذا كان على الوجه المعتاد كما قرر ذلك الإمامان ابن تيمية و المرداوي بتصرف يسير – الأمر الذي تنتهي معه الدائرة بصفتها الخبير الأول إلى تقدير أجرة الممثل ممن أتعاب النقاضي باعتبار مدة المرافعة، وعدد الجلسات و المذكرات و اللوائح المقدمة و ما بذل أثناء الترافع من جهد معقول بمبلغ و قدره (15,000) خمسة عشر ألف ريال. مما يكون معه مجموع المبلغ الذي تحكم به الدائرة على المدعي عليها كالتالي: (16,000) ستة عشر ألف ريال تعويضاً عن خطأ الجهة، و (157,050) مائة وسبعة وخمسون ريال وخمسون هللة، أتعاب الخبرة، و(15,000)  خمسة عشر ألف ريال أتعاب التقاضي، ومن المجموع: (31,157,50) واحد و ثلاثون ألفاً و مائة و سبعة و خمسون ريالاً و خمسون هللة،

وعليه حكمت الدائرة بـ: إلزام الأمن العام بأن تدفع للمدعي وقدره (31,157,50) واحد و ثلاثون ألفاً و مائة و سبعة و خمسون ريالاً و خمسون هللة، والله الموفق

امين السر/ عبدالله بن ابراهيم التويجري

عضو/ خالد بن ناصر الحجاج

عضو/ ناصر بن عبد الرحمن الراحم

رئيس الدائرة/ فهد بن محمد العتيبي

زر الذهاب إلى الأعلى