البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة التاسعة: المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة

القاعدة التاسعة : المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة

35- تعريف المطلق والمقيد:

المطلق : هو اللفظ الدال على مدلول شائع من جنسه, أو هو: اللفظ الدال على فرد أو أفراد غير معينة, وبدون أي قيد لفظي مثل: رجل ورجال.

والمقيد: هو اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه مع تقييده بوصف من الاوصاف أو هو ما كان من الالفاظ الدالة على فرد او افراد غير معينة مع اقترانه بما يدل على تقييده بما اقترن به مثل : رجل مصري, او رجل يمني, هذا وان المقيد في ما عدا ما قيد به يعتبر مطلقاً, بمعنى أن المقيد يعتبر مقيداً بالقيد الموصوف به, لا يجوز تقييده بغيره بلا دليل فقولنا: رجل يمني, مقيد من جهة الجنسية, وهي كونها يمنية فقط, أما ما عدا هذا القيد فهو مطلق.

36- حكم المطلق:

أنه يجري على اطلاقه فلا يجوز تقييده بأي قيد الا اذا قام الدليل على تقييده نصاً أو دلالة, ويثبت له الحكم وهو بهذا الاطلاق كما في عتق الرقبة في كفارة الظهار اذ جاءت مطلقة, وكما في عدة المرأة المتوفى عنها زوجها جاءت (أَزْوَاجًا) مطلقة فتجب عليها العدة سواءً كانت الزوجة مدخولاً بها أم لا, صغيرة كانت أو كبيرة قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ ) (البقرة:234)

ولكن اذا قام الدليل على تقييد المطلق اعتبر القيد وثبت له الحكم بهذا القيد كما في قوله تعالى: (مِنْ بَعْدَ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) (النساء:11) جاءت كلمة ( وَصِيَّةٍ) مطلقة وكان مقتضى الاطلاق جواز الوصية بأي مقدار, ولكن قام الدليل على تقييدها بالثلث, ودليل التقييد حديث سعد بن أبي وقاص حيث منعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أن يوصي بأكثر من الثلث, وهذا حديث مشهور يتقيد بمثله مطلق الكتاب عند الحنفيه وغيرهم.

37- حكم المقيد:

وجوب العمل بموجب القيد, فلا يجوز إلغاؤه, ويثبت الحكم له بهذا القيد إلا اذا قام الدليل على عدم اعتبار هذا القيد, كما قال تعال في سياق تعداد المحرمات:(  وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)

(النساء:23)

وعلى هذا فالبنت تحرم على من تزوج أمها ودخل بها؛ لان حرمة الزواج بالبنت مقيد بنكاح أمها والدخول بها,لا مجرد العقد عليها, وأما كلمة (فِي حُجُورِكُمْ)

فهذه ليست بقيد احترازي وإنما هي قيد أكثري لا يتقيد به اللفظ, ولا تأثير له في الحكم بدليل قوله تعالى في نفس الآية: (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [ (النساء:23)

ولو كان من قيد الحرمة كون البنت في حجر الزوج ورعايته, لذكر عند شروط الحل, ورفع الحرمة عند تخلف القيد, وهو الدخول بالأم.

38- من فروع القاعدة وتطبيقاتها:

أ- الوكيل بالبيع اذا كانت وكالته مطلقة يجوز له أن يبيع ما لموكله بالثمن الذي يراه مناسباً قليلاً كان أو كثيراً, وهذا عند الامام أبي حنيفة, لأن التوكيل بالبيع جاء مطلقاً, فيجري على إطلاقه, وبه أخذت المادة 1494 من مجلة الأحكام العدلية, حيث نصت على أن: ( للوكيل بالبيع إذا أطلقت وكالته أن يبيع مال موكله بالثمن الذي يراه مناسباً قليلاً كان أو كثيراً)

ولكن لو عين الموكل لوكيله ثمناً معيناً فعلى الوكل أن يتقيد بهذا الثمن فلا يبيع ما لموكله إلا بهذا الثمن, وهذا ما جاء في المادة 1495 من مجلة الاحكام العدلية, حيث جاء فيها: ( ليس للوكيل إذا كان الموكل قد عين له ثمناً أن يبيع بأنقص من ذلك الثمن, وإن فعل انعقد البيع موقوفاً على إجازة موكله, ولو باع بنقصان الثمن بلا إذن الموكل وسلم المبيع الى المشتري فللموكل أن يضمنه ذلك النقصان).

وإنما كان الحكم كما جاء في هذه المادة؛ لأن دليل التقيد – تقييد الثمن- جاء نصاً فلا تجوز مخالفته.

ب-  لو وكل رجلا˝ بشراء شيئ معين ولم يبين الثمن كان للوكيل أن يشتريه بثمن المثل أو بغبن يسير ولكن لا يجوز له أن يشتريه بغبن فاحش، وإن فعل وقع الشراء له ، وذلك لأن وكالته وإن كانت مطلقة إلا أنها مقيدة دلالة بعدم التجاوز إلى الغبن الفاحش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى