Web Analytics
البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة التاسعة عشرة: الضرر لا يكون قديما, شرح القواعد الفقهية

القاعدة التاسعة عشرة: الضرر لا يكون قديما

68- معنى القاعدة ونطاق تطبيقها:

هذه القاعدة تعتبر قيدا للقاعدة السابقة التي تقول: (القديم على قدمه) ولهذا قالوا: لا عبرة للقديم المخالف للشرع القويم، فلو كان لدار مسيل ماء على الطريق العام ويحصل منه للمارين ضرر فاحش ، فلا يعتبر قدمه ، ويؤمر صاحبه برفعه، وعلى هذا الأساس جاءت المادة: 1214 من مجلة الاحكام العدلية وفيها: ” ترفع الأشياء المضرة بالمارين ضرراً فاحشاً ولو كانت قديمة، كالشرفة والبروز على الطريق العام للمارين”.

وكذلك جاء في المادة 1224: ” أما القديم المخالف للشرع الشريف فلا اعتبار له. يعني: إذا كان الشيء المعمول غير مشروع في الأصل فلا عبرة له وإن كان قديماً، بل يزال إذا كان فيه ضرر فاحش، مثلاً: إذا كان لدار مسيل قذر في الطريق العام، ولو من القديم، وكان به ضرر للمارة فإن ضرره يرفع ولا اعتبار لقدمه”.

ويلاحظ في صياغة هذه المادة أنها مرة تصف الضرر الواجب رفعه بأنه ضرر فاحش ، ومرة لا تصفه بالفاحش وتأمر برفعه، ويبدو لي أن الأولى أن تحمل عبارة ما فيه ضررعام على مطلق الضرر، فتجب إزالته ولو كان قديماً، لأن الشرع لا يبيح الضرر العام ولو كان غير فاحش، فكونه ضرراً عاماً فيه دلالة على أنه مخالف للشرع سواء كان ضرراً فاحشاً أو غير فاحش، أما إذا كان الضرر خاصاً وغير فاحش فإنه يحتمل إن كان قديماً ويترك على قدمه كما جاء في شرح المجلة للأستاذ رستم باز، إذ قال: فلو كان لدار مسيل ماء على الطريق العام ويحصل من للمارين ضرر فاحش فلا يعتبر قدمه ويؤمر صاحبه برفعه، أما إذا كان ذلك المسيل يجري على منزل رجل وكان قديماً فيترك على حاله وإن تضرر صاحب المنزل، لأنه يحتمل أن يكون صاحبه قد تملكه بوجه من الوجوه الصحيحة، أما في الطريق العام فذلك غير ممكن لعدم تصور إحداث شيء فيه بوجه شرعي (1)، وهذا الكلام يدل على أن الضرر الخاص يترك إن كان قديماً، وغير فاحش، لأن الضرر الفاحش ممنوع شرعاً أن يتسبب فيه الشخص، وإن كان عن طريق تصرفه يملكه الخاص كمن يحفر بالوعة ملاصقة لجدار جاره. كما يفهم من كلام شارح المجلة، أن الضرر العام يرفع مطلقاً سواء كان فاحشاً أو غير فاحش، قديماً كان أو غير قديم كما تدل عبارته: أما في الطريق العام فذلك غير ممكن لعدم تصور إحداث شيء فيه بوجه شرعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى