البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة الخامسة و الثمانون: الإسلام يجب ما قبله, شرح القواعد الفقهية

القاعدة الخامسة و الثمانون: الإسلام يجب ما قبله

250 – معنى القاعدة :

أي أن الكافر إذا أسلم أي : تخلى عن الكفر الذي كان فيه و اعتنق الإسلام بأن آمن بالله ربا ، و بالإسلام دينا ، و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا و رسولا ، فإن هذا منه ( يجب ) أي : يقطع ما كان قد صدر منه قبل إسلامه ، و إن كان من شأنه أن يعاقب عليه لو صدر عنه بعد إسلامه ، فإن الإسلام يزيله و يجعله كالعدم و يرفع آثاره فلا يحاسب و لا يعاقب عليه .

251 – أصل هذه القاعدة :

و الأصل في هذه القاعدة و أساسها قوله تعالى : ” قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ” ، و قد جاء في تفسير هذه الآية : أي : قل يا محمد للذين كفروا إن ينتهوا عن الكفر و قتال النبي صلى الله عليه و سلم بدخولهم في الإسلام يغفر لهم ما قد سلف ، أي : يغفر لهم ما مضى من كفر و معاص و عداوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في هذه الآية دليل على أن الإسلام يجب ما قبله وتأيد بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم لعمرو بن العاص في قصة إسلامه : ” أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ” ، و هذا حديث أخرجه الإمام أحمد و مسلم عن عمرو بن العاص كما روى الإمام أحمد عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” الإسلام يجب ما قبله و التوبة تجب ما قبلها “.

252 – نطاق حكم القاعدة :

أقر العلماء بأن نطاق هذه القاعدة هو فيما تعلق بحقوق الله تعالى ، وان سقوط أوزار الكفر باعتناق الإسلام من الأمور المقطوع بها في شرع الإسلام .

ولكن هذه القاعدة لا يسري حكمها إلى حقوق الآدميين لما يترتب عليه من إضرار بهم ، و الضرر مرفوع في شريعة الإسلام ، و من أصول الإسلام : لا ضرر ولا ضرار ، و من أجل ذلك لا ترتفع المسؤولية المالية عن المجنون وغير المميز إذا قام فيهما سبب هذه المسؤولية . وإن كان الإثم مرفوعا عنهما لعدم أهليتهما للتكليف.

253 – فروع و تطبيقات القاعدة :

لا مسؤولية عليه عما صدر منه من أقوال أو أفعال يرتد بها المسلم كسبّ الله و رسوله و تمزيق القرآن الكريم ، ولا يلزمه قضاء العبادات كالصلاة و الصيام التي فاتته ولم يقم بها في حال كفره ، ولا زكاة أمواله ، و كذلك جرائم الحدود كالزنا و شرب الخمر إذا كان قد ارتكبها قبل إسلامه لا يعاقب عليها بعد إسلامه لأن عقوبتها هي حق الله ، وحقوق الله لا يؤاخذ بها بعد إسلامه .

زر الذهاب إلى الأعلى