Web Analytics
البحوث القانونيةتنفيذ أحكام الحضانة والزيارة

المبحث الثامن تسليم المحضون في تنفيذ أحكام الحضانة والزيارة

المبحث الثامن تسليم المحضون

في تنفيذ أحكام الحضانة والزيارة

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: طريقة تسليم المحضون إذا استحقت الحضانة لشخص، فإنه يجب تمكينه منها، وتسليم المحضون له متى طلب ذلك، من غير إعوازه إلى المقاضاة، فإن كان ثمة شبهة لمنازعه فيها، وتمسك بالحضانة، ثم قضي عليه لمستحقها، فيجب على المقضي عليه تسليم المحضون إلى المحكوم له من غير إعوازه بالرفع للحاكم للتنفيذ؛ لأنه – والحال ما ذكر – تعينت الحضانة للمحكوم له، ولا يجوز له الإضرار بصاحبه لملاحقته أمام القضاء للمطالبة بالتنفيذ، فإن لم يفعل، ورفع المحكوم له بالحضانة الأمر إلىالحاكم، فإن الحاكم يسلك الخطوات الآتية:

1- يأمر المحكوم عليه بتسليم المحضون إلى المحكوم له، ويتدرج في ذلك من الأسهل فما فوقه بما يناسب الحال.

2- إذا امتنع المحكوم عليه من تسليم المحضون، وقدر الحاكم على المحضون من غير إضرار به، انتزعه الحاكم، وسلمه للمحكوم له.

3- إذا لم يمكن ذلك وأصر المنفذ عليه على الامتناع، أو أخفى المحضون، ولم يمكن تسليم المحضون للمحكوم له، فإن القاضي المنفذينفذ الحكم جبراً (1)، يسلك أحد الوسائل الزجرية الآتية في المطلب التالي.

المطلب الثاني: الوسائل الزجرية للممتنع عن تسليم المحضون:

الأصل دعوة الحاكم للمنفذ عليه إلى تنفيذ حكم الحضانة بأرفق الوجوه، وأجمل الأحوال والأقوال، بتسليم المحضون، ويتدرج في ذلك من الأسهل فا فوقه، فلا ينتقل إلى الأشد من الوسائل إلا إذا لم يجد ما هو دونه، إلا إذا كان التنفيذ يستدعي المفاجأة خشية إخفاء المحضون، أو السفر به إلى مكان لا يهتدي إليه، أو لا يمكن استرداده منه، أو يمكن ذلك ولكن بعد المشقة وطول المدة.

وللحاكم أن يسلك الوسائل الزجرية الممكنة التي تحمل المحكوم عليه على تسليم المحضون، ومن ذلك ما يأتي:

1- التكفيل عليه:

والمراد بالكفالة هنا: التزام مكلف بإحضار المحكوم عليه ببدنه عند طلبه.

فإذا طلب المنفذ عليه، وحضر، وطلب مهلة لإحضار المحضون، وتوجه إمهاله مدة محددة، فإنه لا يترك إلا بكفيل ببدنه يحضره عند طلبه، إذا لم ينفذ عند انتهاء المهلة، وهكذا كلما اقتضى الحال التكفيل عليه، فيلزم بذلك، وإلا سجن

2- إيقاف ما يهمه:

إذا امتنع المنفذ عليه عن التنفيذ، واختفى، فإن الحاكم بأمر بايقاف ما يهمه من خدمات تتعلق بالأحوال المدنية، من بطاقة الأحوال، أو جواز سفر، ونحوهما، وكذا إيقاف مصالحه المتعلقة باستقدام عمال ونحوه، وكذا إيقاف الخدمات البنكية عنه، من السحب من حسابه عن طريق البطاقة، أو غيرها، وكذا الحجر على أمواله، وهذا يندرج فيما يذكره الفقهاء من اخجر على ما يهم المطلوب الحمله على الحضور للقاضي (2)، والتنفيذ هنا من باب أولى بهذه الإجراءات

3- المنع من السفر :

إذا خشي سفر اخصم المنفّذ عليه، فإن القاضي المنفّذ يسارع بناء على طلب مستحق الحضانة بمنعه من السفر، حسب الاقتضاء، وإذا كان مسافراً، فيوضع على لائحة الترقب؛ لمراجعة قاضي التنفيذ عند قدومه، والتكفيل عليه إذا اقتضى ۔ الحال ذلك، والمنع من السفر عند الامتناع عن تسليم الحق مما يذكره الفقهاء في الديون (3)، وهذا مثلها.

4 – الحبس:

وهو تعويق المنفذ عليه في مكان من الأمكنة، ومنعه من التصرف ببدنه؛ عقوبة له؛ و حملاً له على التنفيذ (4).

وليس للسجن في هذه الحال مدة محددة، بل يحبس حتى يسلم المحضون، ولو طال حبسه، فإن الامتناع عن التنفيذ جريمة مستمرة، فيستمر الزجر عليها حتى تركها.

يقول ابن القيم (ت: 751هـ) عن التعزير: ((و إذا كان على ترك واجب كأداء الدين والأمانات و الصلاة والزكاة، فإنه يضرب مرة بعد مرة، وتفرق عليه يوماً بعد يوم، حتى يؤدي الواجب)) (5)، والحبس مثله.

كما أنه من وجوه التعزير الجائزة لمن امتنع عن التنفيذ، وكان مسجوناً منعه من فضول الأكل والنكاح، حتى ينفذ ما وجب عليه، ذكره ابن تيمية (ت:728هـ) (6)، في الجمع بين الوسائل الزجرية:

اللحاكم المنفذ الاكتفاء بإحدى الوسائل الزجرية مما مر ذكره، كاله الجمع بين بعضها بحسب ما يراه ممكناً، وحاملاً للمنفذ عليه على التنفيذ (7).

 


  • (1) وجاء في اللائحة الأولى للمادة (94) من نظام التنفيذ السعودي الصادر عام 1433 ما نصه (يراعي القاضي في تنفيذ قضايا الحضانة والزيارة ما يأتي: (أ) التدرج في التنفيذ بالنصح والتوجيه ثم ترتيب مراحل تسليم المحضون بما لا يضر بالمنقذ له، والمنفذ ضده، والمحضون مع إفهام الممتنع بمقتضى المادة (۹۲) [ وهي المادة التي تقضي بمعاقبة الممتنع عن التنفيذ للحضانة والزيارة مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر ] (ب) إذا أصر المنفذ ضده على الامتناع بعد انقضاء مرحلة التدرج التي يقدرها القاضي المشار إليها في الفقرة (أ) ينفذ الحكم جبراً).
  • (2) تنبيه الحكام 64، البهجة في شرح التحنة 70/1، فصول الأحكام 139، حلي المعاصم 70/1، الإحكام والإتقان 24/1.
  • (3) عقد الجواهر الثمينة 610/2، روضة الطالبين 136/4، قواعد ابن رجب 87، (ق/ 53).
  • (4) مجموع فتاوى ابن تيمية 398/35، بدائع الصنائع 174/7، التراتبب الإدارية 1/ 195.
  • (5) الطرق الحكمية 350.
  • (6) الاختيارات الفقهية 137.
  • (7) في الجمع بين عقوبتين أو أكثر في التعزير، انظر : سلطة القاضي في تقدير العقوبة التعزيرية؛ للباحث 201

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى