Web Analytics
البحوث القانونية

مدى إمكانية أداء عين الحق المطلوب تنفيذ الأحكام في نظام المرافعات

الفصل الثالث

الاعتبار الثالث

مدى إمكانية أداء عين الحق المطلوب

تنقسم طرق التنفيذ بهذا الاعتبار إلى قسمين :

أحدهما – التنفيذ المباشر .

والآخر- التنفيذ غير المباشر. وهما قسما التنفيذ الجبري .

 

أولاً – التنفيذ المباشر : ويسمى أيضاً التنفيذ العيني . وهو الطريق الذي يتم به التنفيذ الجبري للالتزام الذي ليس محله مبلغاً من النقود ، وسُمّي تنفيذاً مباشراً لأن اقتضاء الدائن لحقه يتم مباشرة ، وسُمّي تنفيذاً عينياً لأن الدائن يحصل على حقه نفسه وليس شيئاً آخر يقوم بديلاً عنه .

فالمقصود بالتنفيذ المباشر إجبار المدين على القيام بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً – ولو أدى ذلك إلى حبسه – أو القيام بالتنفيذ على نفقته فإن كان الالتزام بتسليم عينٍ معيّنة أو منقولٍ معيّن، أو كان الالتزام بعملٍ معيّن – مثل إقـامة بناء أو إغلاق نافذةٍ أو شق قناة ريٍّ – أو بالامتناع عن عملٍ معيّن – مثل عدم فتح محل ، أو عدم غرس أشجار , أو عدم إقامة بناءٍ, كان للدائن – إذا رغب في ذلك – إلزام المدين بتنفيذ عين ما التزم به ، ويتم إجبار المدين –بعد إعذاره – على القيام بذلك إذا كان التنفيذ بهذا الطريق ممكناً ، فلو تلف الشيء الذي كان المدين ملزَماً بتسليمه – مثلاً – فإن هذا الالتزام يتحول إلى تسليم مبلغ من النقود على سبيل التعويض. ()

وقد تضمّنت ( المواد 321-323 إجراءات إماراتـي ) و ( المواد 289 – 291 مرافعات كويتي ) إجراءات هذا النوع من التنفيذ ، وأشارت إليه ( المادة 583 تجارية سعودي ) .

 

ثانياً – التنفيذ غير المباشر : ويسمى التنفيذ بالحجز ونزع الملكية.

وهـو طـريـق تـنفيذ الالتزام الذي محلُّه مبلغ من النقود ، سواءً أكان ذلك أصلاً أم كان ذلك مالاً ؛ بسبب عدم إمكان تنفيذ الالتزام مباشرةً وتحوّله إلى التزامٍ بمبلغٍ من النقود ، ومن قــواعــد الـفـقـه الـرومــانـــي أنـه ( إذا حقّ الرد وجب حصوله على وجهٍ يعيد للمستردِّ أصل حقه كاملاً ) ().

فالتنفيذ غير المباشر هو التنفيذ الذي يقع على غير محل الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه من المدين ، ويتم عن طريق الحجز على أمواله – العقارية أو المنقولة – ونزع ملكيتها منه وبيعها جبراً عنه لاستيفاء حق الدائن من ثمنها. ()

وقــد تـضـمـَّنـت ( المادة 202 وما بعدها مرافعات سعودي ) و ( المادة 564 وما بعدها تجارية سعودي ) و ( المادة 247 وما بعـدها إجراءات إماراتـي )  و ( المادة 176 ، والمادة 273 وما بعدها مرافعات بحريني ) ، و ( المواد 398-404، 408 وما بعدها مرافعات قطري ) ، و ( المادة 216 وما بعدها مرافعات كويتي )  و ( المادة 316 وما بعدها مرافعات مصري ) إجراءات هذا النوع من التنفيذ .

 

موقف الشريعة الإسلامية من التنفيذ المباشر والتنفيذ غير المباشر :

حيث أن التنفيذ المباشر والتنفيذ غير المباشر هما نوعا التنفيذ الجبري ، فإن موقف الشريعة الإسلامية منهما هو ذاته موقفها من التنفيذ الجبري .

ولكن ينبغي التنبيه هنا إلى أن الفقهاء أشاروا إلى مسألة ضمان المِثليِّ والقيميِّ ، فذهبوا إلى ضمان المثلي بمثله . أما القيمي فذهب جمهورهم – في الجملة – إلى أنه يضمن بقيمته .

والمثليُّ : هو ماله مِثْلٌ شكلاً وصورةً من أصل الخلقة ، كالمكيل والموزون، فله وصف ينضبط به ويُنسب إليه .

 

ومن أمثلته : الحبوب والثمار والعسل .

والقيميُّ : هو ما لا وصف له ينضبـط به في أصل الخلقة حتى يُنسب إليه، كالعبد والدار. ()

والمسائل التي يقع فيها الضمان عديدة منها : إذا فات المغصوب في يد غاصبه ، ومنها : إذا فات المبيع في يد المشتري وكان عقد البيع فاسداً ، ومنها : إذا فات ما تم اقتراضه في يد المقرض ، ومنها : إذا فـات الـصـداق المعــين في يد الزوج قبل تسليمه للزوجة، ومنـها إذا فـات المقبوض في يـد الوكيـل ، ومنها : إذا فات المعار في يد المستعير.

 

وقد ذكر بعض الفقهاء أن أسباب فوات الحق أربعة ، وهى :

1 – تغيُّرُ الذات .

2 – تغيُّرُ الملك .

3 – الخروج عن اليد بالبيع .

4 – تعلُّقُ حق الغير به .

والأصل هو الأداء ، وقد ذكر بعض الفقهاء أن الأداء نوعان : كامل وناقص . فالكامل هو : أداء عين الحق دون أن يتغيّر. والناقص هو : أداء الحق بعد تغيُّره ، كمن غصب حنطةً فطحنها فإنه يلزمه ردُّها مع أرش نقصها.

كما ذكروا أن القضاء نوعان أيضاً : كامل ، وقاصـر . فالكـامل تسلـيم مثل الواجب صورةً ومعنىً ، كمن غصب عشرة أوسق () حنطةً فاستهلكها فإنه يلزمه ردُّ عشرة أوسقٍ حنطةً ، ويكون المؤدى مِثْلاً للأول صورةً ومعنىً ، وأما القاصر فهو ما لا يماثل الواجب صورةً ويماثل معنىً ، كمن غصب شاةً فهلكت ضمن قيمتها ، والقيمة مثل الشاة من حيث المعنى لا من حيث الصـورة ().

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى