البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة الثالثة و الثلاثون: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما

Table of Contents

القاعدة الثالثة و الثلاثون: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما

111- معنى القاعدة:

قال بعضهم: هذه القاعدة هي عين القاعدة السابقة في الحقيقة، و اختلف العنوان فقط، و لكن ذهب بعض آخر إلى أنه يمكن القول بتخصيص الأولى بما إذا كان الضرر الأشد واقعا، و أمكن إزالته بإيقاع الأخف كما في الأمثلة التي ذكرناها للقاعدة السابقة، و تخصيص هذه القاعدة بما إذا تعارض الضرران، و لم يقع أحدهما بعد، و هذا التوجيه أحسن من القول الأول الذي يعني تكرار القاعدة: لأن التأسيس أولى من التأكيد كلما أمكن ذلك، و إلى هذا التخصيص يشير التعبير بكلمة (يزال) في القاعدة السابقة، و بكلمة (تعارضت) في القاعدة التي نحن بصدد شرحها.

112- قول جيد للفقيه الزيلعي:

و قال الفقيه الزيلعي في باب شروط الصلاة: ثم الأصل في جنس هذه المسائل أن من ابتلي ببليتين و هما متساويتان يأخذ بأيتهما شاء و إن اختلفتا يختار أهونهما، لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة، و لا ضرورة في حق الزيادة.

*مثاله: رجل عليه جرح، لو سجد سال جرحه، و إن لم يسجد لم يسل، فإنه يصلي قاعدا يومئ بالركوع و السجود، لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث، ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في التطوع على الدابة، و مع الحدث لا يجوز بحال.

113- فروع القاعدة و تطبيقاتها:

منها: لو اضطر و عنده ميتة و مال الغير، يأكل الميتة، و منها: شيخ لا يقدر على القراءة قائما و يقدر عليها قاعدا يصلي قاعدا لأنه يجوز حالة الاختيار في النفل و لا يجوز ترك القراءة بحال. و منها: لو أن امرأة صلت قائمة ينكشف من عورتها ما يمنع جواز الصلاة، و لو صلت قاعدة لا ينكشف منها شئ، فإنها تصلي قاعدة لما ذكرنا أن ترك القيام أهون. و منها: تجويز أخذ الأجرة على ما دعت إليه الضرورة من الطاعات كالأذان و الإمامة و تعليم القرآن و الفقه. و منها: تجويز السكوت على المنكر إذا كان يترتب على إنكاره ضرر أعظم من ضرر المنكر. و منها: جواز طاعة الأمير الجائر إذا كان يترتب على الخروج عليه شر أعظم. و منها: جواز شق بطن الميتة لإخراج الولد إذا كان ترجى حياته. و منها: قتل من لا ذنب له من المسلمين مفسدة، و لكن إذا تترس بهم الكفار و خيف من ذلك اصطلام المسلمين جاز رميهم على أحد القولين عند الشافعية، لأن قتل عشرة من المسلمين أقل مفسدة من جميع المسلمين. و منها: إذا اختبأ عنده معصوم الدم فرارا من ظالم يريد قتله ظلما، فإذا سأله الظالم عنه و نفى وجوده عنده أو علمه بمكانه جاز له الكذب و لو فيه مفسدة، بل يجب عليه الكذب لأن مفسدة قتل بريئ أعظم من مفسدة الكذب في هذا المقام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى