البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة المائة: الضرورات تقدر بقدرها, في شرح القواعد الفقهية

القاعدة المائة: الضرورات تقدر بقدرها

306- معنى القاعدة:

الحاجة دون الضرورة، وأن الضرورة هي الحالة الملجئة إلى ما لا بد منه من المحظورات الشرعية، أما الحاجة فهي الحالة التي تستدعي تيسيراً أو تسهيلاً لرفع الضيق الذي يجده المكلف، وإن لم يصل إلى الضيق الذي تسببه حالة الضرورة، فهي دون الضرورة من هذه الجهة، وإن كان الحكم الثابت لأجلها مستمراً، بينما الحكم الثابت للضرورة هو حكم مؤقت، وتنزيل الحاجة منزلة الضرورة في كونها تثبت حكماً، وهذا الحكم يناسب كلاً منهما، والظاهر أن ما يجوز للحاجة، إنما يجوز فيما ورد فيه نص يجوزه، أو تعامل، أو لم يرد فيه شيء منهما، ولكن لم يرد فيه نص يمنعه بخصوصه، وكان له نظير في الشرع يمكن إلحاقه به وجعل ما ورد فيه نظيره وارداً فيه.

307-الحاجة العامة والخاصة:

الحاجة العامة هي التي لا تخص ناساً دون ناس ولا قطراً دون قطر، بل تعمهم جميعاً كالحاجة إلى الإيجار والاستئجار، والخاصة هي التي تختص بناس دون ناس أو بفئةٍ دون فئة أو صنف دون صنف كحاجة التجار إلى اعتبار البيع (بالنموذج) مسقطاً لخيار الرؤية.

308-تطبيقات القاعدة:

أ- تجويز الإجارة فإنها جوزت بالنص على خلاف القياس للحاجة إليها، وهي حاجة عامة، وتجويز السلم فإته جوز بالنص على خلاف القياس للحاجة إليه.

ب- تجويزهم استئجار السمسار على أنه له في كل مئة كذا، فإن القياس يمنعه ويستحق أجر المثل، ولكن أجيز للتعامل به.

ج- ومنه استئجار المرضع للإرضاع، مع أنه وارد على اللبن، ولكن جوز للحاجة بالنص: “فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن” (الطلاق:6).

د- تجويز دخول الحمام بأجر مع مجهولية مدة المكث ومقدار الماء المستهلك، وإنما جوز ذلك لحاجة الناس وبتعاملهم بذلك، وله نظير في الشريعة الإسلامية يمكن إلحاقه به، وهو جواز استئجار المرضع بطعامها وكسوتها، فإن ما يستوفيه كل من المؤجر والمستأجر مع صاحبه مجهول.

هـ- تجويز الوصية وهي تمليك مضاف لما بعد الموت، والتمليكات لا تقبل الإضافة وبالموت تزول ملكية الموصي عن أمواله وتؤول إلى الورثة فلم يبق ما يملكه الموصي حتى يملكه للغير الموصى له، ولكن جازت الوصية بنص القرآن الكريم للحاجة إلىيها.

و- ومن ذلك أيضاً جواز الاستصناع.

زر الذهاب إلى الأعلى