Web Analytics
البحوث القانونيةالقرارات القضائيةاوامرتعاميممباحثنظام القضاء التجاري

مسائل في القضاء العمالي العمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل في القضاء العمالي

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد:

فلا يخفى أن القضاء العمالي بعد ضمه الى القضاء العام وانتقاله من مكاتب العمل يمر بمرحلة انتقالية تشبه مرحلة التأسيس لهذا النوع من القضاء وقد خصص عدد من الدوائر الابتدائية و الدوائر الاستئنافية للنظر في القضايا العمالية وقد كثر السؤال من الزملاء الذين رشحوا للدوائر العمالية عن جوانب شتى تتعلق بهذا النوع من القضايا مما يتعلق بآلية النظر واثر العقود العمالية والأمور النظامية والعقوبات والغرامات وما الى ذلك مما تضمنه نظام العمل وقد أجبت عن عدد من الأسئلة في هذا الشأن ثم بدا لي جمع هذه الأجوبة واختصارها على هيئة مسائل مجملة وهي :

۱/ مصادر الحقوق في الدعاوى العمالية حسب نظام العمل هي :

أ- الشريعة الاسلامية ونصت على ذلك المادة الرابعة من النظام .

ب- نظام العمل ونصت على ذلك مواد منها التاسعة والعشرون

وغيرها .

ج۔ عقد العمل ويؤخذ ذلك من عدد من المواد ومنها الثامنة والعشرة والسابعة والثلاثون وغيرها .

۲/ الدعاوى العمالية تتنازعها إرادتان و هما إرادة طرفي العقد وإرادة المنظم فلا يمكن النظر في هذه الدعاوى بمعزل عن إحدى الإرادتين وبالمثال يتضح المقال :لو اتفق العامل وصاحب العمل على إسقاط بعض حقوق العامل النظامية ( كالتعويض عن إصابات العمل ) فإن هذا الاتفاق رغم صدوره من طرفي العقد لا يسقط حق العامل وسبب ذلك أن النظام نص على هذا الحق للعامل وإرادة المنظم أقوى من إرادة طرفي العقد لأن إرادة المنظم متعلقة بالنظام العام المنظم للعلاقة التعاقدية بين العامل ورب العمل وهو واجب النفاذ فلا يسقطه خيار أحد طرفي العقد ولا كليهما، وقد نصت المادة الثامنة من نظام العمل على هذا المعنى، وربما جعل النظام إرادة طرفي العقد مقدمة على إرادة المنظم فهنا يلزم الطرفين ما ورد في العقد لا النظام كما هو نص المادة العاشرة بخصوص المدد والمواعيد .

٣/ طبيعة الدعاوى العمالية تختلف من حيث وسائل الإثبات عن الدعاوى غير العمالية وشرح هذا يطول لكن أضرب لذلك مثالا : من المتقرر فقها أن الأجير اذا ادعي قيامه بالعمل وأنكر رب العامل فتطلب البينة من العامل لكن في الدعاوى العمالية العكس حيث النظام يجعل عبء الاثبات على رب العمل حيث ألزمه أن يجري إجراءات نظامية في حال امتناع العامل عن العمل أو هروبه فما لم يتخذ رب العمل هذه الإجراءات فإن العامل يعتبر مؤديا للعمل مستحقا للأجر.

4/ في الدعاوى العمالية تترتب للعامل استحقاقات لا يستحقها في الدعاوى العامة غير العمالية ومن ذلك : لو أن صاحب العمل الأصلي اتفق مع صاحب عمل آخر على القيام بشيء من أعمال صاحب العمل الأصلي ففي الدعاوى العامة غير العمالية لا يستحق عمال صاحب العمل الآخر إلا ما اتفق معهم عليه من أجر وحقوق بينما في الدعاوى العمالية يستحق عمال صاحب العمل الآخر كل ما كان يستحقه عمال صاحب العمل الأصلي ويلزم الآخر بدفعها لهم، وهذا ما قررته المادة الحادية عشرة المعدلة من النظام .

5/ شروط العقود في الدعاوى العمالية تختلف عنها في الدعاوى العامة ومن المعلوم أن الشروط في الدعاوى العامة كلها معتبرة ونافذة بالقيد المعروف ( ألا يحل الشرط حراما ولا يحرم حلالا ) وأما الدعاوى العمالية فتنقسم الشروط فيها الى ثلاثة أقسام :

أ- شرط خالف الشرع فهو باطل،

ب- شرط خالف النظام وهو في غير مصلحة العامل فهو باطل .

ج-شرط خالف النظام وهو في مصلحة العامل فهو صحيح ونافذ

د-شرط لم يخالف النظام لكنه زاد عليه فهو شرط صحيح وهذه الشروط كلها منصوصة نظاما في المواد الرابعة والثامن والثالثة عشرة .

6/ من الفروق بين الدعاوى العامة والدعاوى العمالية أن عقد العمل في الدعاوى العمالية يستمر في حال انتقال الملكية مع المالك الجديد خلافا للدعاوى العامة كما أن الحقوق السابقة قبل انتقال الملكية تكون على المالك القديم في الدعاوى العامة واما الدعاوى العمالية فتكون الحقوق بالتضامن بين المالك الجديد والقديم كما نصت علية المادة الثامنة عشرة.

۷/ ومن الفروق الدقيقة بين الدعاوى العامة والدعاوى العمالية أن الحوالة في الحقوق المالية جائزة ولازمة في الحقوق العامة واما في الحقوق العمالية فلا يلزم العامل الأحالة الا برضاه وموافقته كما أشارت إليه المادة الثامنة عشرة .

۸/ كما تختلف الدعاوى العمالية عن الدعاوى العامة في النظر والاجراءات ووسائل الإثبات كذالك تختلف في الأحكام التنفيذية حيث عد النظام حقوق العمال ديونا ممتازة مقدمة على غيرها فعند التنفيذ في حال الافلاس او الامتناع تقدم حقوق العمال على غيرها وهذا جاء صريحا في النظام في المادة التاسعة عشرة ويتضمن ذلك مصروفات الدعوي .

۹/ يؤكد نظام العمل على تعزيز مبدأي التعويض للعمال والاستمرار العقود العمل حتى في حال عدم توفر رغبة صاحب العمل فيفرض النظام على سبيل المثال تعويضات مالية مختلفة لإصابات العمل كما انه يحكم بوجوب توظيف العامل في وظيفة مناسبة في حال اعاقته اصابة العمل عن أداء عمله المتفق عليه وهذا لا نظير له في الدعاوى العامة وقد جاء ذلك في مواد في النظام ومنها المادة التاسعة والعشرون .

۱۰/ نظام العمل من الأنظمة الموضوعية وليس نظاما اجرائيا مجردا بل تضمن تحديدا للمدد وطريقة تجدد العقد وانتهائة وواجبات العامل وحقوقه وواجبات صاحب العمل والتعويضات المالية والتعاقدية مما يجعله هو المرجع الرئيس في اصدار الأحكام في الدعاوى العمالية وهذا بدوره يحصر الاجتهاد والاختلاف في الأحكام كما أنه يساهم في توحيد النظر بين الدوائر المختلفة في المحاكم الابتدائية والاستئناف .

۱۱/ ضمان التلف والأروش والجراح في القضايا العمالية يختلف عنه في الدعاوى العامة غير العمالية فقد حدد نظام العمل في فصل ( إصابات العمل ) أسباب الضمان ومن أظهر الفروق أن العامل يستحق تعويضا عن الإصابات التي تلحق به أثناء العمل ولو لم يكن السبب من صاحب العمل ويلزم صاحب العمل علاج العامل على حسابه وهذا كله منصوص عليه في المواد من ۱۳۳- ١٤٠

۱۲/ تضمن نظام العمل بابا خاصا للمرأة العاملة وهو الباب التاسع وقرر لها من الحقوق والمزايا ما ليس للرجل من حق التمتع بإجازات مدفوعة الأجر للحمل والولادة والعدة ووجوب توفير أماكن خاصة ورعاية طبية وكل هذه حقوق واجبة للمرأة بموجب النظام فيجب التنبه لها عند النظر في الدعاوى العمالية التي تقام من المرأة العاملة ومراعاتها .

۱۳/ عمال السفن والبحارة خصص لهم النظام في الباب الحادي عشر أحكاما خاصة لا تطابق الحقوق النظامية لسائر العمال ومما تضمنه النظام أن البحار وورثته من بعده يستحقون كامل نصيبه أو أجرته في حال عدم إتمام عمله بسبب قاهر كالوفاة أو التلف وهذا ما لا يتوافق مع القواعد العامة في أحكام الإجارة فلا بد من التنبه لذلك.

١٤/ نص نظام العمل في المادة الرابعة والعشرين بعد المائتين على جواز التحكيم في القضايا العمالية بشرط تضمين ذلك في عقد العمل أو اتفاق الطرفين على التحكيم بعد ذلك وهذا يجعل من حق طرفي العقد أو أحدهما التمسك بهذا الحق واللجوء للتحكيم للفصل في الدعوى .

15/ يرتبط نظام العمل والدعاوى العمالية بنظام التأمينات الإجتماعية في جوانب شتى ومن أهم ذلك ما أشارت إليه المادة الثانية والثلاثون بعد المائة من نظام العمل، فلا بد للقاضي أن يطلع على نظام التأمينات وخاصة المواد المتعلقة بنظام العمل :

16/ لا يقتصر دور المحاكم العمالية على النظر في الدعاوى بل يتجاوز ذلك إلى النظر في مسائل عمالية ولو لم يقم نزاع بشأنها كمسألة اعتراض العامل على الخصم من راتبه إذا بلغ بالقرار الصادر من صاحب العمل ( دعوى اعتراض على قرار إداري ) كما هو مضمون المادة الثانية والسبعين من النظام .

۱۷/لا ينحصر نظر المحكمة العمالية على الدعاوى الخاصة بل لها تطبيق بعض الغرامات التي تفرض على أحد طرفي النزاع ومن ذلك ما جاء في المادة الرابعة والتسعين من نظام العمل، بل للمحاكم العمالية النظر في دعاوى الحق العام المتعلقة بالعقوبات النظامية كما هو نص المادة 34 فقرة ج من نظام المرافعات .

۱۸/ نظام العمل يحوي مقاصد إجمالية تدور حول ثلاثة محاور رئيسة وهي :

أ- الحفاظ على حقوق العمال وضمانها ومنحها الأولوية

ب- ضمان الاستقرار الوظيفي بربط العلاقة التعاقدية بنظامي العمل

والتأمينات

ج- تحقيق التوازن المطلوب بين الانتاج والأجر – المسؤولية والدخل – الحقوق والواجبات مما يساهم في تحسين سوق العمل ورفع الإنتاجية، ولا بد أن يساهم القضاء العمالي في تحقيق هذه المقاصد والأهداف المهمة من خلال النظر في الدعاوى العمالية بالحد الذي يقتضيه، العدل والإنصاف وفي إطار هذه المقاصد والغايات.

۱۹/ من المناسب تحقيق الاستقلال التام للقضاء العمالي نظرا لطبيعة هذا النوع من القضاء وخصوصيته وذلك بسرعة إنشاء محاكم وليس دوائر عمالية كما نص عليه نظام المرافعات الشرعية في المادة 34 والأولى أن تكون المحكمة العمالية في كل منطقة من مناطق المملكة وتتضمن دوائر ابتدائية واستئنافية بحسب الحاجة وكثرة العمل كما أن من غير المناسب أن تنظر محاكم المراكز والمحافظات الدعاوى العمالية فينبغي قصر النظر في هذه الدعاوى على المحاكم العمالية الأهمية التخصص في هذا النوع من القضاء الفروق الكبيرة بينه وبين القضاء العام كما سبق بيانه إجمالا .

۲۰/ الدور المأمول من المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل يمكن تلخيصه في نقاط :

۱/ رفع مقترح للمقام السامي لاجراء تعديلات في اللائحة التنفيذية النظام العمل لتتوائم مع النمط القضائي العام .

۲/ تكوين لجنة عليا للقضاء العمالي تكون مهمتها دراسة عوائق القضاء العمالي وحل الإشكالات النظامية و الاجرائية التي ستظهر من خلال ابتداء العمل في الدوائر العمالية ويحسن استعانة اللجنة بمستشار أو أكثر من اللجان العمالية السابقة من ذوي الخبرة بهذا النوع من الدعاوى .

۳/ العمل على نمذجة القضايا العمالية واصدار برنامج مواز للنظام الشامل يختص بالقضاء العمالي .

٤/ سرعة العمل على استخلاص مبادئ وسوابق قضائية من السجلات الوافرة لدى وزارة العمل في هذا الجانب مع الاهتمام بصياغتها النظامية والقضائية، هل تعزيز الثقافة القضائية العمالية من خلال الدورات والمصنفات، وحلقات النقاش المباشرة مع المختصين في هذا المجال .هذا والله أعلم .

كتبه : قاضي الاستئناف عبدالرحمن التويجري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى