البحوث القانونية

‏أنواع العقود والإلزام، والمعارضة والتبرع ومرات تنفيد العقد

أنواع العقود

‏أنواع العقود والإلزام، والمعارضة والتبرع ومرات تنفيد العقد

– يمكن تقسيم العقود إلى أنواع تختلف باختلاف وجهة النظر إليها ،

ومن أشهر هذه التقسيمات:

5- أ- العقود الرضائية والعقود الشكلية والعقود العينية: يقوم هذا التقسيم على أساس النظر إلى طريقة تكوين العقد، فإن كان مجرد تراضي الطرفين كافياً لانعقاده فالعقد رضائي، كالبيع والإيجار والوكالة والوديعة. وإن كان التراضي وحده لا يكفي لقيام العقد، او بل يلزم إفراغه في شكل خاص حدده القانون، فالعقد شكلي، كالرهن الرسمي والشركة والهبة، وإن كان التراضي لا يكفي في انعقاد العقد إلا إذا اقترن بتسليم محل العقد، يكون العقد عينياً، كالهبة غير الموثقة في محرر رسمي، فإنها لا تنعقد إلا إذا اقترنت بقبض الموهوب.

ان وتبدو أهمية هذا التقسيم حين نعلم أن المتشرع قد اعتنق مبدأ الرضائية وجعله الأصل، أما الشكلية أو العينية فلا ترد إلا على سبيل الاستثناء، وبناء على ذلك:

1- إذا فرض النظام شكلاً معيناً عقاد العقد، ولم يراع هذا الشكل في إبرامه وقع باطلاً.

2- إذا استلزم النظام شكلاً معيناً، أو اتفق المتعاقدان على وجه الشك حول ما إذا كان هذا الشكل متطلبا لقيام العقد أو لغير ذلاء من أمور، وجب عدم اعتباره متطلباً لقيام العقد.

6 – ب- العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد: يقود هذا التقسيم على أساس التقابل بين التزامات المتعاقدين، فإن كان العقد ينشئ التزامات متبادلة ، بحيث يصبح كل طرف دائناً ومديناً في نفس الوقت، سمي العقد ملزماً للجانبين، كالبيع، يجعل البائع دائناً بالثمن ومديناً بنقل ملكية المبيع، كما يجعل المشتري دائناً بالمبيع ومديناً بالثمن. وإن كان العقد ينشئ التزامات غير متبادلة، بحيث يصبح أحد طرفيه دائناً فقط والآخر مديناً فقط، سمي العقد سان ملزماً لجانب واحد، وذلك كالهبة، فإنها تلزم الواهب بنقل ملكية الموهوب فيكون مديناً غير دائن، في حين يعتبر الموهوب له دائناً بالموهوب دون أن يتحمل بأي التزام.

وتبدو أهمية هذا التقسيم حين نعلم أن المتشرع قد وضع للنوع الأول أحكاماً تغاير أحكام النوع الآخر، إذ إنه في العقود الملزمة اللجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه عند حلول أجله، وبعد إعذاره، جاز للمتعاقد الأخر إن لم يفضل التمسك بالعقد، أن يطلب من القاضي فسخه، مع التعويض إن كان له مقتض وذلك ما لم يكن طالب الفسخ مقصراً بدوره في الوفاء بالتزامه ومن جهة أخرى نجد أنه : في العقود الملزمة لجانب واحد، إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، انفسخ العقد من تلقاء نفسه ، بينما نجد أنه : في العقود الملزمة اللجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام أحد الطرفين مستحيلاً لسبب أجنبي لا بد له فيه، انقضى هذا الالتزام، وانقضت معه الالتزامات المقابلة على الطرف الآخر، وانفسخ العقد من تلقاء نفسه ، وكذلك نرى أن: في العقود الملزمة للجانبين، إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الأداء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه، إذا لم يقم المتعاقد الآخر بالوفاء بما التزم به، وذلك ما لم يتفق على خلافه أو يقض العرف بغيره، في حين أن الدفع بعدم التنفيذ لا يمكن تطبيقه في العقود الملزمة لجانب واحد.

۷ – ج- عقود المعارضة وعقود التبرع: يقوم هذا التقسيم على أساس حصول المتعاقد على مقابل لما يعطي، فإن كان كل من المتعاقدين يحصل على مقابل لما يعطيه للعاقد الآخر فإن العقد يسمى “عقد معاوضة”، مثل البيع والإيجار، حيث يحصل كل من البائع والمؤجر على مقابل لما يعطيه للمشتري والمستأجر، كما يحصل المشتري أو المستأجر على مقابل لما يدفعه للبائع أو المؤجر. أما إذا كان أحد المتعاقدين يعطي ولا يأخذ، بينما يأخذ العاقد الآخر  ولا يعطي، فإن العقد يسمى “عقد تبرع ، كالهبة، حيث يعطي الواهب شيئاً للموهوب له ولا يأخذ مقابلاً لذلك، بينما يأخذ الموهوب له هذا الشيء دون أن يدفع مقابلاً لما أخذ.

وتبدو أهمية هذا التقسيم حين نعلم أن النظام ينظر بعين الشك والريبة إلى عقود التبرع فيحيطها بكثير من القيود، وقد يتلمس الطريق لإبطالها حماية للمتبرع الذي يجري تصرفاً ضاراً به، نرى ذلك على سبيل المثال في تنظيم عقد الهبة، فهي لا تنعقد إلا إذا اقترنت بقبض الموهوب أو وثقت في محرر رسمي.

ويجوز الرجوع فيها بترخيص من القضاء، إذا استند الواهب في ذلك إلى عذر مقبول كما نرى ذلك في تنظيم النظام للتصرنا الصادرة عن الصغير المميز، الذي بلغ السابعة من عمره دون أن يصل إلى سن الرشد، فقد اعتبر التصرفات النافعة له صحيحة والضارة به باطلة، والتي تدور بين النفع والضرر قابلة للإبطال كذلك حرص على سلامة الرضاء من العيوب في حالات التبرع، فيشر على المتبرع طلب إبطال العقد بسبب الغلط أو التدليس أو الإكراه، بينما وضع لنفس هذه الحالات شروطاً أشد وأقسى، إذا كان العقد من المعاوضات.

۸- د- العقود الفورية والعقود المستمرة: يقوم هذا التقسيم على أساس طريقة تنفيذ العقد، فإذا كان هذا التنفيذ يتم مرة واحدة ولا يتكرر فإن هذا العقد يسمى “عقداً فورياً ” ، مثل البيع، حيث يقوم البائع بنقل ملكية المبيع وتسليمه إلى المشتري مرة واحدة، ويقوم المشتري بدفع الثمن مرة واحدة كذلك، ولهذا يقال إن العقد الفوري لا يقوم في تنفيذه على فكرة الزمن، فإن تدخل الزمن باشتراط أجل للتسليم أو بتقسيط الثمن مثلاً، كان الزمن هنا عنصراً عرضياً لا يؤثر في مقدار الأداءات. أما إذا كان تنفيذ العقد يمتد مع الزمن فتستمر الأداءات ويتكرر التنفيذ، سمي العقد عقداً مستمراً”، مثل عقد الإيجار، حيث يضمن المؤجر انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ويستمر هكذا حتى انتهاء العقد، ويستمر المستأجر في دفع الأجرة استمراراً يتناسب مع مدة انتفاعه بالعين المؤجرة، ولهذا يقال إن الالتزامات الناشئة عن العقود المستمرة تضيق في مداها أو تتسع بحسب قصر أو طول المدة التي ينفذ العقد خلالها.

وتبدو أهمية هذا التقسيم في أن الأنظمة المختلفة تأخذ عنصر


  • (1) عبد الحي حجازي، عقد المدة ، العقد المستمر والدوري التنفيذ، القاهرة 1950، عبدالمنعم فرج الصدة، في عقود الإذعان في ماده ، في عقود الإذعان في القانون المصري، القاهرة: 1946. محمد يوسف موسى، نوال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي – القاهرة : 1987م

زر الذهاب إلى الأعلى