البحوث القانونية

أنواع وشروط النيابة في التعاقد (العقود وصياغتها)

 “النيابة في التعاقد “

الاصل ان الرضا الذي تيم به انعقاد العقد ، يجب ان يصدر من المتعاقدين انفسهم ، كما ان اثار العقد تنصرف اليهم .

ولكن هذه القاعدة ليست على وجه الاطلاق ، حيث ان انعقاد العقد قد يتم عن طريق النيابة .

النيابة: هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إبرام تصرف قانوني مع إضافة آثار التصرف إلى شخص الأصيل.

ونظام النيابة يمكن به للقاصر او لعديم الاهليه ان يصبح دائن او مدين عن طريق التصرفات التي يبرمها نائبه ، كما انه يمكن بالنيابة لكامل الاهليه الذي قد تحول الظروف دون وجوده في مجلس العقد من اتمام التصرف القانوني الذي يريده عن طريق نائب يختاره .

 

أنواع النيابة :

النيابة _ بالنسبة للمصدر الذي يحدد نطاقها _ تكون:

  1. نيابة قانونية: إذا كان القانون هو الذي يحدد هذا النطاق، كما في الولي و الوصي والقيم.
  2. نيابة اتفاقيه: إذا كان الاتفاق هو الذي يحدد هذا النطاق، كما في عقد الوكالة.

شروط وجود النيابة :

لتتحقق النيابة لابد من توافر شروط معينه وهي:

الشرط الأول: إحلال إرادة النائب محل إرادة الأصيل.

بدايةً، لابد من التفريق بين النائب والرسول.

فالرسول يعتبر حاملا فقط لرضاء المتعاقد ، أي يكون كالخطاب ، لذلك يعتبر التعاقد عن طريق الرسول هو تعاقد بين غائبين ، فيما يتعلق بمكان وزمان انعقاد العقد .

إما التعاقد عن طريق النيابة هو تعاقد بين حاضرين ، إذا ضم النائب والمتعاقد الآخر مجلس واحد ، لان النائب يعبر عن ارادته هو لا إرادة الأصيل  .

ويمكن القول بصفه عامه ، بان النائب هو من يتمتع بقسط من الحرية في التقرير ، أي حرية اتخاذ القرار الإرادي الذي يتم التصرف القانوني  بت ، أما الرسول فهو من يقتصر عمله على نقل التعبير عن إرادة الأصيل ، ولذا لا يشترط فيه ان يكون مميزا ما دام قادرا من الناحية المادية على نقل الرسالة .

وقد يجمع الشخص بين صفتي النائب والرسول ، وذلك إذا كان الأصيل قد اصدر إليه تعليمات لا يستطيع ان يحيد عنها في أمر من أمور العقد المراد إبرامه بطريق النيابة ، وترك له حرية التقدير في باقي الأمور .

أ ) عيوب الاراده كسبب من أسباب الطعن في العقد الذي يتم عن طريق النيابة :

إذا  وقع النائب في غلط او ابرم العقد تحت تأثير الإكراه أو التغرير ، كان العقد معيبا ولو كانت إرادة الأصيل سليمة من أي عيب من العيوب .

ففيما يتعلق بعيوب الاراده ، فانه ينظر الى أراده النائب ، وكذلك  الى إرادة الأصيل في الحدود التي اشتركت فيها مع إرادة النائب في أمام التصرف القانوني .

أما فيما يتعلق بالاهليه ،فاذا كانت النيابة اتفاقيه ، فلا يشترط ان تتوافر في النائب الاهليه اللازمة لإبرام التصرف موضوع النيابة لان أثار التصرف لن تضاف إليه ،  ولهذا يكفي ان تتوافر فيه أهلية التمييز .أما الأصيل وهو من تضاف إليه أثار التصرف الذي تم بطريق النيابة ، فيجب ان تتوافر فيه الاهليه اللازمة للتصرف موضع النيابة ، كما يجب ان تتوافر فيه صلاحية اكتساب الحق الذي يرتبه التصرف الذي تم بطريق النيابة .

وإذا كانت النيابة قانونية، فان القانون في هذا النوع من النيابة هو الذي أضفى على النائب صفته، وهو الذي يعين أهليته، وأهلية الأصيل.

ب ) ان حسن النية وسوءهما يلتمسان عن د النائب لا عند الاصيل ، وذلك في الأحوال التي يرتب فيها القانون أثرا على ذلك .

 

الشرط الثاني: التزام النائب حدود النيابة:

هذه الحدود ترجع أما للأشخاص  ، أو إلى الموضوع ، او الى الشكل ، او الى إضافة النيابة إلى اجل أو تعليقها على شرط .

أ) تقييد النيابة من حيث الأشخاص ( تعاقد الشخص مع نفسه ):

اختلفت  نظرة التشريعات المختلفة حول هذا الموضوع ، ما بين المنع والاباحه ، وهذا الاختلاف يرجع الى الاعتبارات العملية .

وعلة تحريم تعاقد النائب مع نفسه يمكن ردها من الناحية القانونية الى تجاوز النائب حدود نيابته .

فإذا ظهرت الإرادة   الحقيقية بإجازة تعاقد النائب مع نفسه صح ذلك .

وهناك بعض الاستثناءات يمكن ردها الى إرادة الأصيل التي أطلقت حدود النيابة بحيث شملت النائب ، وهذه الاستثناءات هي :

  1. الترخيص السابق او الإجازة اللاحقة من الاصيل .
  2. إذا أجاز القانون تعاقد الشخص مع نفسه، كإباحة تعامل الولي مع ولده وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية .
  3. إذا قضت قواعد التجارة بجواز تعاقد الشخص مع نفسه، كإباحة تعامل الوكيل بالعمولة باسم طرفي التعاقد وفقا لقواعد القانون التجاري.

 

ب) تقييد النيابة من حيث الموضوع:

أن الوكالة قد تكون خاصة وقد تكون عامه ؛ فالوكالة الخاصة هي التي تقتصر على عمل أو إعمال قانونية محدده ، إما الوكالة العامة ، فهي التي تنصرف إلى كل عمل تجوز فيه الانابه ، فهي تشمل جميع التصرفات عدا التبرعات ، ويطلق على الوكالة العامة في الفقه الإسلامي ( الوكالة المفوضة ) .

 

ج ) تقييد النيابة من حيث الشكل:

قد يقيد الاصيل سلطة النائب من حيث شكل التصرفات القانونية التي يجريها باسمه مع الغير ، فيشترط لكي تضاف إليه أثار  هذه التصرفات ان تتم في شكل معين ، كأن تتم بمحرر كتابي  وعلى ذلك لا تنصرف إليه أثار ما يجريه النائب من تصرفات شفوية مع الغير.

د) تقييد النيابة بإضافتها إلى اجل أو تعليقها على شرط: 

قد يتم تقييد النيابة بإضافتها إلى اجل منه تنتهي  بانتهائه او الى اجل موقف لا تبدأ الا بحلوله ، وعلى ذلك يكون النائب قد خرج عن حدود النيابة إذا باشر عمله بعد انقضاء الأجل المنهي أو قبل حلول الأجل الموقف .

كذلك قد يتم تقييد النيابة بتعليقها على شرط واقف ، لا تبدأ الا بتحققه ، وعلى ذلك يكون النائب قد تجاوز حدود النيابة إذا تعاقد باسم الاصيل قبل تحقق الشرط الموقف او بعد تحقق الشرط الفاسخ .

 

الشرط الثالث : العلم بالنيابه .

يشترط  لكي تضاف اثار التصرف الذي يعقده النائب مع الغير الى شخص الاصيل ، ان تتجه إرادتيهما إلى ذلك ، وهذا يفترض ان يكون العلم بوجود النيابة مشتركا بينهما وقت انعقاد الترف موضوعها .

والعلم بوجود النيابة قد يكون حقيقيا أو حكميا ، فيكون حقيقا كما لو أعلن النائب عند التعاقد انه يتعامل باسم الاصيل ، ويكون حكميا كما لو كانت الظروف تفترض حتما علم الغير المتعاقد بوجود النيابة بالرغم  من سكوت النائب عن إعلان ذلك.

ومع هذا يضاف استثناء  اثار التصرف الذي يعقده  النائب الى شخص الاصيل بالرغم من عدم علم الغير المتعاقد مع النائب بوجود النيابة ، إذا كان يستوي عنده ان يتعامل مع النائب او الاصيل .

 

اثار النيابه  :

العلاقة فيما بين النائب و الغير : النائب يعمل باسم الاصيل ، فأثر العقد لا يلحقه هو بل يلحق الاصيل . ويترتب على ذلك ان النائب لا يستطيع ان يطالب الغير بحق من الحقوق التي أنشأها العقد ، الا إذا أثبتت له النيابة  في تنفيذ العقد كما ثبتت له في إبرامه . وكذلك لا يقوم في ذمة النائب التزام ، ولكن إذا كان النائب لا يلتزم بالعقد ، فان هذا لا يمنع من ان يلتزم بخطئه ، حتى إذا قصر في أداء مهمته صار مسئولا عن هذا التقصير ، إما نحو الغير الذي تعاقد معه ، وإما نحو الأصيل نفسه ، وإما نحو الاثنين معا .

العلاقة بين النائب و الاصيل : يحدد هذه العلاقة المصدر الذي انشأ النيابة ، والوكالة او القانون .

العلاقة فيما بين الاصيل والغير : تتولد علاقة مباشره فيما  بين  الاصيل و الغير ، ويختفي شخص النائب من بينهما . فهما المتعاقدان ، وهما اللذان ينصرف اليهما اثر العقد.

كذلك يكسب الغير الحقوق التي تولدت له من العقد ، ويرجع بها مباشره على الاصيل .

زر الذهاب إلى الأعلى