البحوث القانونية

حكم قضائي: الاستعجال في طلبك يمين خصمك

◉↢ حكم بديع قد مُلئ عدلا، أخي الحبيب: إياك ثم إياك من الاستعجال في طلبك يمين خصمك، فقد تنقلب الدعوى عليك رأسا على عقب، وإن هذا يعد تفريطا منك في حق موكلك

◉↢ إليك هذه التحفةالقضائية المحكوم فيها برفض الدعوى لثبوت يمين المدعى عليه الحاسمة.

 

الدائرة التجارية الخامسة

الحكم في القضية رقم 697 لعام 1439هـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإنه في يوم الخميس 1440/11/22هـ وبمقر المحكمة التجارية بجدة عقدت الدائرة التجارية الخامسة جلستها بتشكيلها التالي:

القاضي: نايف بن عبدالرحمن العنزي رئيسا
القاضي: مازن بن عبدالعزيز بن محمد المزمومي عضوا
القاضي: أحمد بن عبدالعزيز المهداوي عضوا

وبحضور عبدالله بن أحمد بن ظافر الشهري أمينا للسر، وذلك للنظر في القضية المشار إليها أعلاه المحالة للدائرة في  1440/08/23هـ وفيها بعد المداولة أصدرت الدائرة هذا الحكم.

 

 

(الوقائع)

تتلخص وقائع هذه الدعوى في أنه وردت إلى المحكمة التجارية بجدة لائحة دعوى مقدمة من المدعي (…)، حاصلها: أن المدعى
عليه قام ببيع نصيب المدعي في شركة (…)، سجل تجاري رقم (…)، دون علمه ودون تسليمه القيمة، ويطلب إلزام المدعى عليه بتسليمه قيمة حصته وقدرها (٢۰,۰۰۰,۰۰۰) ريال وأتعاب المحاماة، وبقيد القضية في سجلات هذه المحكمة بالرقم المذكور في صدر هذا الحكم، وبإحالتها لهذه الدائرة؛ باشرت النظر فيها في جلسة 1440/03/17هـ وبسؤال المدعي عن الدعوى أحال إلى لائحتها السابق ذكرها، فطلبت منه الدائرة تقديم ما يثبت قيمة الحصة المباعة فطلب مهلة للرد، وتبين عدم حضور المدعى عليه لعدم تبلغه.

وفي جلسة 1439/04/09هـ وبطلب الجواب من وكيل المدعى عليه (…) سجل مدني رقم (…) قدم مذكرة تضمنت عدم صحة دعوى المدعي ويطلب رفضها فطلبت الدائرة من المدعي تقديم البينة على الدعوى، وفي جلسة 1440/04/16هـ وفي هذه الجلسة قدم المدعي مذكرة تضمنت : أنه يطلب حضور المدعى عليه لأداء اليمين حيث اجتمع بعد البيع وطلب منه استلام شيك بمبلغ (850,000) ريالا وتقسيط المبلغ المتبقي على (5) سنوات إلا أن المدعي رفض ذلك العقد ثم تم الاجتماع بعد ذلك مع المدعى عليه وعرض عليه سداد نصف المبلغ وقدره (٢٫١٢٥,٠٠٠) ريالا إلا أن المدعي رفض هذا العرض، تسلم وكيل المدعى عليه نسخة منها وطلب مهلة للرد، وفي جلسة 1439/05/14هـ سألت الدائرة المدعي عن سبب مطالبته للمدعى عليه هل هي عن بيع حصص مملوكة له؟ أم أنها وساطة لبيع حصص في شركة (…)، سجل تجاري رقم (…) ؟ فأجاب بأنها قيمة تنازل المدعى عليه له عن 5% من حصص الشركة المسماة شركة (…)، ثم حضر المدعى عليه أصالة وطلبت منه الدائرة أداء اليمين على عدم صحة دعوى المدعي وعدم استحقاقه لقيمة بيع وتنازل الحصص المقدرة بالمدعى عليه على يستلم المدعي من (۲۰٫۰۰۰٫۰۰۰) عشرين مليون ريال، حيث يدعي المدعي أن المدعى عليه تنازل عن (5%) من الحصص لصالح المدعى في شركة (…)، سجل تجاري رقم (…)، وعلى عدم صحة ادعاء المدعي من وجود اتفاق بين المدعي والمدعى عليه بخصوص تقسيط المبلغ؛ حيث إن المدعي ادعى أنه اتفق أن تلك القيمة مبلغاً قدره (850,000) ريال، وتقسيط المتبقي على خمس سنوات، حيث أن المدعي رفض هذا العرض، كما ادعى المدعي أن المدعى عليه قدم عرضا آخر يقوم المدعى عليه بسداد مبلغ قدره (٢,١٢٥,٠٠٠) ريال، وتم سداد المتبقي على دفعات.

إلا أن المدعي قرر رفضه لهذا العرض، فحلف بالله قائلا : (والله العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه أن ما يدعيه المدعي (…) من كون المدعى عليه: (…)، تنازل عن حصص قدرها (0%) للمدعي في شركة (…)، سجل تجاري رقم (…) بمبلغ قدره (۲۰٫۰۰۰٫۰۰۰) عشرين مليون ريال غير صحيح، كما أن ما يدعيه المدعي من وجود عرضين مقدمين من المدعي الأول: هو أن يستلم المدعي من تلك القيمة مبلغاً قدره (850,000) ريال، وتقسيط المتبقي على خمس سنوات، وأن المدعي رفض هذا العرض غير صحيح ولم يحصل ذلك، كما أن ما يدعيه من أن المدعى عليه قدم عرضاً آخر يقوم المدعى عليه بسداد مبلغ قدره (٢,١٢۵,۰۰۰) ريال، ويتم سداد المتبقي على دفعات غير صحيح، والله العظيم والله العظيم والله العظيم) وبعرض اليمين على المدعي قرر عدم قناعته بها، ثم رفعت الجلسة للمداولة، وأصدرت الدائرة حكمها المتضمن (رفض الدعوى المقامة من: (…)، سجل مدني رقم (…)، ضد: (…)، سجل مدني رقم (…))، وفي جلسة 1439/07/04هـ تشير الدائرة إلى أنه وردها مذكرة اعتراضية من المحكوم عليه على حكم الدائرة، بناء على المادتين (۱۸۸ و ۱۸۹) من نظام المرافعات الشرعية، وباطلاع الدائرة عليه تبين أن المدعي قدم إقرارا مذيلا باسم وتوقيع المدعى عليه مؤرخ في 06/01/٢٠١٧م، يتضمن تعهده بنقل ما نسبته (5%) من ما يملكه المدعى عليه في شركة (…)، لصالح المدعي، كما قدم المدعي نسخة من رسالة نصية صادرة عن المدعى عليه، وبعرض ذلك على وكيل المدعى عليه طلب إحضار أصل الإقرار فاستعد المدعي بتقديمه في الجلسة القادمة وأما بخصوص الرسائل فمواضيعها عامة، ولا علاقة لها بموضوع الدعوى.

وفي جلسة ١٤٣٩/٠٧/١١هـ قدم المدعي أصل الإقرار الذي أقر فيه المدعى عليه للمدعي بتنازله عن (5%) من أسهمه في شركة (…) لصالح المدعي، وباطلاع وكيل المدعى عليه قرر بأنه يطعن فيه بتزويره، وطلب المدعي إحالته للأدلة الجنائية، وفي جلسة 1439/08/15هـ أشارت الدائرة إلى ورود إجابة مؤسسة النقد، وتشير الدائرة إلى أنه سيتم الكتابة للأدلة الجنائية لمضاهاة التواقيع ولحين ورود الإفادة، قررت الدائرة تأجيل الجلسة، وفي جلسة ١٤٣٩/٠١/٢٩هـ أشارت الدائرة إلى أنها كتبت خطابا إلحاقيا للأدلة الجنائية وأفهمت طرفي الدعوى بمتابعة الخطاب، وتبين عدم حضور المدعي أو من يمثله، وطلب المدعى عليه شطب الدعوى، ثم شطبت الدعوى الأولى، وفي جلسة ١٢/1440/04هـ والمنعقدة للنظر في القضية بعد شطبها للمرة الأولى أشارت الدائرة إلى ورود خطاب الأدلة الجنائية رقم (٠١٧٦٢-٤٠-٢-٩) وتاريخ ١٤٤٠/٠٢/١٩هـ مرفقا به تقرير المضاهاة والمتضمن (بناء على الفحص الفني فإننا نرجح أن التوقيع الثابت بإقرار التنازل موضوع الفحص يتفق مع تواقيع المدعو (…) الثابتة بالأوراق المقدمة للمضاهاة)، فطلب وكيل المدعى عليه الاطلاع على التقرير الفني ومهلة للرد، فأفهمته الدائرة بأن هذه التقارير تعد وثائق سرية لا يطلع عليها إلا أعضاء الدائرة، ثم رفعت الجلسة للمداولة وأصدرت الدائرة قرارها القاضي بـ (بوقف السير في هذه الدعوى لحين الفصل في القضية رقم ٢٠٧١ لعام 1439هـ) والذي ورد منقوضاً بقرار الدائرة التجارية الثانية بمحكمة الاستئناف بجدة المؤرخ في 1440/٠٧/٢٥هـ، محمولاً على أسبابه، فتم تحديد جلسة هذا اليوم 1440/١١/٢١هـ للنظر في القضية مجدداً، وفيها قدم وكيل المدعى عليه مذكرة تضمنت أن تقرير الأدلة الجنائية رجح موافقة توقيع موكله الوارد بإقرار التنازل مع تواقيعه بالأوراق المقدمة للمضاهاة ولم يجزم بذلك ..

إضافة إلى كونه مجرد قرينة لا يلزم الأخذ بها ولا ترقى لمرتبة يمين موكله، كما أن المدعي لم يتقدم بإقرار التنازل سابقاً وإنما قدمه بعد صدور حكم الدائرة السابق في أن القاضي رفض دعواه مما يدل على صنعه دليلا لم يكن موجودا، وأضاف بأن التنازل عن الحصص لو صح إنما يكون وفقا لنظام الشركات وبطريق الجهات الرسمية ولا يكون بمجرد إقرار، كما إن قيمة النسبة الواردة بالقرار عالية ولو كان التنازل صحيحاً لأثبته المدعي بشهادة شهود، وأن المدعي على علم ببيع المدعى عليه لحصصه في الشركة لشريكه وكان وسيطا بينهما، تسلم المدعي نسخة منها، وسألت الدائرة المدعي عن صفة التنازل فذكر بأنه كان مقابل أتعاب يقوم بها لأعمال تتعلق بشركة (…) وشركة (…) وليست خاصة بالمدعى عليه، فسألته الدائرة عن الفترة التي قام بها بتلك الأعمال؟

فأجاب بأنها (5) سنوات قبل بيع المدعى عليه حصته لشريكه، وأن المدعى عليه لم يسلمه أي أتعاب خلال تلك المدة، كما أفاد
بأنه هو من كتب الإقرار وقدمه للمدعى عليه للتوقيع عليه، وأفاد بأنه على علم ببيع . حصص المدعى عليه لشريكه في شركة (…)، ولا علم له بتاريخ عقد البيع، وبسؤاله عن طلبه يمين المدعى عليه في الحكم السابق؟ أجاب بأنه كان يقصد يمينه في تخييره في طريقة سداد الأتعاب المشار لها أعلاه، وبسؤاله عن طلبه الأتعاب من المدعى عليه بينما كانت الأعمال التي يقوم بها لصالح شركة (…) وليست خاصة بالمدعى عليه؟ فأجاب: بأن المدعى عليه كان يعده بمنحه نسبة من الشركة بصفته شريكا فيها، وسألته الدائرة عن عدم تقديمه لإقرار التنازل في الدعوى قبل صدور حكم الدائرة السابق؟ فأجاب: بأنه قدمه عند إقامة الدعوى ولكن لم تشر له الدائرة، وبسؤاله عن علاقته بشريك المدعى عليه المشتري للحصص؟ فذكر بأنه صديق له وأنه عمل لصالحه بلا صفة رسمية.

وبسؤاله عن علاقته بالمدعى عليه ؟ أجاب: بأنه تعرف عليه عن طريق شريكه في الشركة، وبسؤاله: عن ما إذا كان لديه شهود؟
فأجاب: بأنه لا يوجد، وبسؤاله عن بينته على قيامه بالأعمال التي يدعي بأن المدعى عليه منحه الحصص بمقابلها؟ فأجاب: بأنه سافر إلى (…) أكثر من مرة للصلح بين شركة (…) وشركة (…) لإعادة حق الوكالة في شركة (…) بناء على طلب المدعى
عليه، ثم حصر المدعي طلبه في إلزام المدعى عليه بنقل ملكية النسبة المقر بها في إقرار التنازل، وطلب وكيل المدعى عليه رد
الدعوى، وأضاف وكيل المدعى عليه بأن للمدعي أن يطالب الشركة بالأتعاب في حال ثبوت قيامه بالأعمال المذكورة، وقرر
المدعي اكتفاءه في حين طلب وكيل المدعى عليه مهلة للرد، وفي جلسة اليوم قدم وكيل المدعى عليه مذكرة تضمنت ملاحظاته على ما ذكره المدعي في الجلسة السابقة، تسلم المدعي نسخة منها، وقرر الأطراف اكتفاءهم بما سبق، ثم رفعت الجلسة للمداولة وأصدرت الدائرة حكمها مبنياً على الآتي:

(الأسباب)

ولما كانت المنازعة القائمة بين المدعي والمدعى عليهم ناشئة عن إثبات شراكة في شركة تجارية، فإن ذلك مما تختص به المحاكم التجارية وفقاً للمادة الثانية من نظام المحكمة التجارية؛ ونظام المرافعات الشرعية، ولما كان المقرر في الفقه والقضاء أن الدعوي تقام أمام المحكمة التي تقع في نطاق محل إقامة المدعى عليه، وحيث تبين أن مقر المدعى عليهم بمحافظة جدة، فإن هذه المحكمة تكون مختصة بنظر هذه الدعوي مكانياً ؛ وفقاً للمادة (38) من نظام المرافعات الشرعية، وعن الموضوع، فإنه لما كان المدعى يطلب إلزام المدعى عليه بمبلغ قدره (۲۰,۰۰۰,۰۰۰) عشرين مليون ريال.

والذي يمثل حسب قول المدعي قيمة ما نسبته (5%) من حصص المدعى عليه في شركة (…)، سجل تجاري رقم (…)، تنازل عنها المدعى عليه للمدعي، إلا أن المدعى عليه قام ببيعها للغير، ولما كان المدعي لم يقدم على ما يدعيه أي بيئة ولو واهية، ثم إنه احتكم بإرادته إلى يمين المدعى عليه، وحيث إنه تطبيقاً لما رواه أبو داود والترمذي بأسانيدهما عن نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً : (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)، قال ابن دقيق العيد . رحمه الله . : وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام، وأعظم مرجع عند التنازع والخصام، ويقتضي أن لا يحكم لأحد بدعواه، كما قال ابن المنذر -رحمه الله-: أجمع أهل العلم على أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، ولما كان أداء اليمين لا تأتي إلا على كل من ادعي عليه دعوى، فأنكرها، فإن حلف المدعى عليه برئت ساحته، وإن نكل عن اليمين قضي عليه بالنكول.

وحيث قرر المدعي من تلقاء نفسه بأنه يطلب يمين المدعى عليه على إنكار الدعوى، وحيث أدى المدعى عليه أصالة اليمين الحاسمة على إنكار ما يدعيه المدعي، لذا فإن الدائرة تنتهي إلى رفض الدعوى، ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعي في اعتراضه على حكم الدائرة محل الاعتراض من أنه يقصد في طلبه يمين المدعى عليه فيما يتعلق بتخييره في طريقة سداد الأتعاب المطالب بها في هذه الدعوى حيث إن الدائرة في جلسة ١٤٣٩/٠٥/١٤هـ قد وجهت اليمين للمدعى عليه بالصيغة التي طلبها المدعي والتي تضمنت نفي المدعى عليه تنازله عن الحصص لصالح المدعي إلى تخييره في طريقة سداد الأتعاب، أما ما يتعلق بالتنازل المقدم من المدعي بعد صدور حكم الدائرة الأول القاضي برفض الدعوى فإن المدعي لم يشر في جميع محاضر الجلسات السابقة لحكم الدائرة إلى ذلك التنازل البتة، وإنما أشار فقط في بيانات صحيفة الدعوى ضمن أسانيده إلى عبارة (إثبات تملكي لنسبة 5% من الشركة).

بل إنه أفاد في مذكرته المقدمة بجلسة 1439/04/16هـ بأنه يقدم عقد بيع الشركة (لا علاقة للمدعي به) وملحق لعقد الشركة وسجلها التجاري كبينات على دعواه وختم بطلبه ليمين المدعى عليه ولم يشر للتنازل المذكور مع كونه يعد بينة واضحة وصريحة في التنازل مما يثير الشك لدى الدائرة في صحته وثبوت نسبته للمدعى عليه، ولا ينال من ذلك ما ورد بتقرير الأدلة الجنائية في ترجيح صحة نسبة التوقيع الوارد بالتنازل للمدعى عليه حيث إن الأدلة الجنائية تعد جهة خبرة تستأنس برأيها المحكمة، لاسيما وأنها في تقريرها رجحت ولم تحزم بنسبة ذلك التوقيع للمدعى عليه الأمر الذي تنتهي معه الدائرة في حكمها إلى ما يرد في منطوقه.

(لذلك)

حكمت الدائرة برفض الدعوى. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

امين السر: عبدالله بن أحمد الشهري
عصو: أحمد بن عبدالعزيز المهداوي
عضو: مازن بن عبدالعزيز المزمومي
رئيس الدائرة: نایف بن عبدالرحمن  العنزي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى