Web Analytics
البحوث القانونية

الحجز على الأموال تنفيذ الأحكام في نظام المرافعات

الفصل الرابع

الاعتبار الرابع

الحجز على الأموال

الحجز هو : عبارة عن جميع الإجراءات الموصلة إلى وضع الأموال -منقولةً كانت أو عقاريةً – تحت أمر القضاء أو تحت يده .

وتنقسم طرق التنفيذ بهذا الاعتبار إلى قسمين :

أحدهما – الحجز التحفُّظِي ، والآخر – الحجز التنفيذي .

وبيان ذلك فيما يلي :

أولاً – الحجز التحفُّظي : هو وضع مال من أموال المدين تحت يد القضاء لا تمهيداً لبيعه وإنما تفادياً لخطر تهريبه من قبل المدين بإخفائه أو بالتصرف فيه،مما يؤدي إلى عدم تمكن الدائن من استيفاء حقه .

فالحجز التحفظي مجرد وسيلةٍ وقتيةٍ للمحافظة على الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدينه ، تستهدف عدم نفاذ تصرفات المدين بالنسبة للأموال محل الحجز في مواجهة الدائن ، فضلاً عن تقييد حق المدين في استعمال هذه الأموال واستغلالها . ()

وقد تضمنت ( المواد 208-216 مرافعات سعودي ) و ( المواد 564- 584 تجارية سعودي ) و ( المواد 256-270 إجراءات إماراتـي ) و ( المواد 304-309 مرافعات بحريني ) ، و ( المواد 398-404 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 222-241 مرافعات كويـتي ) ، و ( المواد 316-352 مرافعات مصـري ) إجراءات الحجز التحفظي .

فللدائن أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على منقولات مدينه إذا لم يكن للمدين محل إقامة ثابت في الدولة أو خشي الدائن لأسباب مقبولة اختفاء المدين أو تهريب أموالـه.

ولمؤجر العقار أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على المنقولات أو الثمار الموجودة في العين المؤجرة ضماناً للأجور المستحقة .

ولمن يدعي ملك المنقول أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي عند من يحوزه متى كانت هناك دلائل واضحة تؤيد ادعاءه .

وللدائن بدين مستقر حالِّ الأداء – ولو لم يكن بيده حكم قابل للتنفيذ – أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على ما يكون لمدينه لدى الآخرين من الديون ولو كانت مؤجلةً أو معلَّقةً على شرطٍ وما يكون له مـن الأعيان المنقولة في يـد الغير ( المواد 208-211 مرافعات سعودي ) .

 

وقــد صــدر تــعــمــيم معالي وزير العدل السعودي برقم 8/ت/88 في 27/5/1410هـ المتضمن : عــدم الــشــرح عــلـى سجل أي صك بالتحفظ أو الإلغاء إلابإذن من الوزارة أو بطلب من حاكم شرعي . أ هـ. ()

وسند الحجز التحفظي قد يكون سنداً تنفيذياً ، وقد يكون حكماً غير واجب النفاذ، كالحكم الذي لم يكتسب الصفة القطعية ، وقد يكون أمراً من القاضـي .

وفي الحالة الأخيرة لابُد أن يقوم الدائن برفع دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز خلال مدةٍ معيَّنة من تاريخ إيقاع الحجز، وإلا اعتبر الحجز ملغياً كأنه لم يكن. وقدر هذه المدة عشرة أيام حسب ما نصت عليه ( المادة 214 مرافعات سعودي ) ()بينما تم تحديدها بثمانية أيام في ( المـادة 575 تـجـاريـة سـعودي ) و ( المادة 255/2 إجراءات إماراتـي ) و ( المادة 308 مرافعات بحريني قبل تعديلها ) ، و ( المادة 225 مرافعات كويتي ) و ( المادة 320 مرافعات مصري ) ، وفي النظام البحريني حُدِّدَت المدة أخيراً بخمسة عشر يوماً ( المادة 308 معدَّلة مرافعات بحريني).() أما في قطر فقد حددت ( المادة 402 مرافعات قطري ) هذه المدة بأسبوعين.

وتقْرُبُ من مسألة الحجز التحفظي مسألة الحراسة عند نظر الدعوى فللمحكمة المختصة بنظر الموضوع – في المنقول أو العقار الذي يقوم في شأنه نزاع ويكون الحق فيه غير ثابت – أن تأمر بالحراسة – بعد رفع دعوى طلبها – إذا كان صاحب المصلحة في المنقول أو العقار قد قدَّم من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائزه ، ويتكفل الحارس بحفظ المال وبإدارته وبــردِّه مــع غــلــته المقبوضـة إلى من يثبُت له الحـق فيـه ( المادة 239 مرافعات سعودي ) وانــظــر ( المواد 240 – 245 مرافعات سعودي ) .وموضوع هذا النوع من الحراسة القضائية يتم بحثه عادةً في الأنظمة المدنية لا أنظمة المرافعات ، انظر – مثلاً – ( المواد 729-738 مدنـي مصري ). ()

 

ثانياً – الحجز التنفيذي : هو وضع مال من أموال المدين تحت يد القضاء تمهيداً لبيعه وتوزيع الناتج عنه على الدائنين .

فالحجز التنفيذي هو أول إجراء من إجراءات التنفيذ على أموال المدين.()

وقد تضمنت ( المواد 217 – 229 مرافعات سعودي ) ، و ( المواد 271 – 315 إجراءات إماراتـي ) ، و ( المواد 275 – 303 مرافعات بحريني)  و ( المواد 408 – 498 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 242 – 281 مرافعات كويتي ) و ( المواد 353 – 468 مرافعات مصري ) إجراءات الحجز التنفيذي سواءً أكان ذلك على المنقول أم العقار أم الأسهم والسندات والإيرادات والحصص ، وبيعها بعد الإعلان عنها ، بما في ذلك مـن تـنبيهٍ بنـزع ملكية العقار وإنذار الحائز وتسجيلهما ، وإيداع قائمة شروط البيع والاعتراض عليها ، وإجراءات البيع بالمزاد العلني والحكم بإيقاعه والاعتراضات الواردة عليه ، وانقطاع إجراءاته ، وحالة ما إذا كانت الأموال لدى المدين أو كانت للمدين لدى الغير .

 

الفرق بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي ما يلي :

1 – أن الحجز التحفظي لا يلزم لإجرائه وجود سند تنفيذي مع الحاجز ، أما الحجز التنفيذي فلا بد أن يكون مع طالبه سند تنفيذي .

2 – أن الحجز التحفظي لا تسبقه مقدمات التنفيذ بل يقتضي غالباً مفاجأة المدين قبل أن يتمكن من التصرف في أمواله ، وإن كان لا بد من إعلانه بهذا الحجز بعد وقوعه . أما الحجز التنفيذي فلا بد أن تسبقه مقدمات التنفيذ من إعلان المدين بالسند التنفيذي وتكليفه بالوفاء وانقضاء ميعاد التنفيذ .

3 – أن الحجز التحفظي لا يخوِّل الحاجز سلطة تحريك إجراءات نزع الملكية . أما الحجز التنفيذي فيخوِّل الحاجز هذه السلطة .

4 – أن الـحـجـز الـتحفظي في العديد من النظم الوضعية لا يرد على العقار وإنما على المنقول فقط ( المواد 208-216 مرافعات سعودي ) و ( المواد 252-270 إجراءات إماراتـي )، و( المواد 304 – 309 مرافــعــات بحريني ) ، و ( المواد 398 – 404 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 222-241 مرافعات كويتي ) ، و ( المواد 316-352 مرافعات مصري ) .

أما الحجز التنفيذي فيرد على العقار والمنقول ( المواد 217-229 مرافعات سعودي ) ، و ( المواد 217 – 315 إجراءات إماراتـي ) و ( المواد 275 – 303 مرافعات بحريني ) ، و ( المواد 408 – 498 مرافعات قطري ) ، و ( المواد 242 – 281 مرافعات كويتي ) ، و ( المواد 353 – 468 مرافعات مصـري ) .

وقد انتقد شُرَّاح نظام المرافعات المصري عدم ورود الحجز التحفظي على العقار ؛ لأن العقار إذا كان لا يمكن تهريبه مادياً فإنه يمكن تهريبه نظاماً بالتصرف فيه بالبيع وغيره، وإخراجه بالتالي من ضـمـان حـق الـدائـن ، ولـهـذا تُنظِّم بعض النظم حجزاً تحفظياً على العقار أسوةً بالحجز على المنقول ( المادة 572 تجارية سعودي)، و ( المادة 616 أصول محاكمات لبنانـي) و ( المادة 671 مرافعات إيطالي )()؛ علماً بأن ( المادة 208/2 لوائح مرافعات سعودي ) نصت على ما يلي : ( إذا كان المتنازع فيه عقاراً وقد أقيمت فيه الدعوى فللقاضي بناءً على طلب الخصم أن يأمر بوقف نقل الملكية وما في حكمها حتى تنتهي الدعوى إذا ظهر له ما يبرر ذلك ) وهذا يعني جواز إيقاع الحجز التحفظي على العقار ولكن في حدود الدعوى المرفوعة أي إذا كانت الدعوى مرفوعة حول ذات العقار فقط .

ومن قواعد الفقه الرومانـي أنه( إذا لم توجد منقولات يحجز على العقار)().

5 – في الحجز التحفظي لابد أن يكون الدين حالَّ الأداء ومُحقَّق الوجود ، ولا يلزم أن يكون مُعيَّن المقدار ،وإنما يتم تقديره بحكم القضاء ولو بعد إجراء الحجز ، أما الحجز التنفيذي فلا يجوز إيقاعه إلا إذا كان الدين حالَّ الأداء ومحقَّق الوجود ومُعيَّن المقدار .

6 – إذا حُكم ببطلان الحجز التحفظي أو بإلغائه لانعدام أساسه فإنه يُحكم على الحاجز في بعض النظم بغرامة فضلاً عن التعويضات للمحجوز عليه. أما إذا حُكم ببطلان الحجز التنفيذي أو إلغائه فلا عقاب على الحاجز ولا يُسأل عن التعويضات إلا إذا ثبت خطؤه أو سوء نيته ().

 

تحوُّل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي :

حتى يتمكن الحاجز حجزاً تحفظياً من استيفاء حقه من ثمن الأموال المحجوزة لابد أن يسعى إلى تحويل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي ، ويتم ذلك عن طريق استيفاء شروط الحجز التنفيذي ، وأهمها أن يكون بيد الدائن سندٌتنفيذي مؤكِّدٌ لحقٍّ مُحقَّق الوجود حالِّ الأداء مُعيَّن المقدار ، وكذلك استيفاء مقدمات التنفيذ التي منها إعلان المدين بالسند التنفيذي وتكليفه بالوفاء وانقضاء ميعاد التنفيذ في الأنظمة التي تشترط ذلك ().

 

موقف الشريعة الإسلامية من الحجز والحراسة على الأموال :

أولاً – الحجز التنفيذي :

ما دام أن الحجز التنفيذي على أموال المدين إنما هو تمهيد لبيعها فهو يُعَدُّ أول إجراءات التنفيذ الجبري ، وقد سبق بيان مشروعية التنفيذ الجبري ().

ثانياً – الحجز التحفُّظي :

إن من المقاصد العامة للشريعة الإسلامية جلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، وما دام أن الحجز التحفظي فيه مصلحة للدائن حتى لا تضيع حقوقه ، وإذا كان الدائن قد أعطى من الضمانات مالا تبقى معه مضرة على المدين، فإنـي أرى مشروعية الحجز التحفظي. والله أعلم .

ثالثاً – الحراسة :

لقد كان الفقهاء يسمون الحارس : أمين القاضي ، ووكيله ، وعدلاً ، وثقةً، ونحو ذلك من الاصطلاحات ، التي تدل على الصفات الواجب توافرها في شخص الحارس ، وقد طبق فقهاء الشريعة الإسلامية الحراسة القضائية على حالات عديدة منها : حالة النـزاع على ملكية الأشياء سـواءً أكـانــت عقاريةً أم منقولةً ، ومنها : حالة الحجر على أموال المدين لحفظ حق الدائنين ، ومنها : حالة دعوى الإرث فإذا رفعت هذه الدعوى من أحد الورثة في غياب الباقين منهم ، فإن القاضي يأمر بتسليم الوارث الحاضر نصيبه ، ويضع أنصبة الغائبين عند حارس.

فالشريعة الإسلامية أوسع من النظم الوضعية في تطبيق الحراسة القضائية ().

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى