البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة الثامنة والخمسون: البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل

القاعدة الثامنة والخمسون: البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل

166- معنى القاعدة:

المراد بالظاهر: الأصل, فالبينة تقام لإثبات خلاف هذا الأصل.

أما اليمين فقد شرعت لإبقاء الأصل على ما كان عليه من عدم أو وجود فإذا تمسك أحد المتخاصمين بما هو الأصل وعجز الآخر عن إقامة البينة على ما ادعاه من خلاف هذا الأصل يكون القول قول من يتمسك بالأصل بيمينه.

وذلك لأن الذي يدعي خلاف الظاهر لا يصدق بدون بينة تشهد له, وأما الذي يتمسك بالظاهر فإنما يتمسك بأصل مشهود له بالاعتبار فيصدق بيمينه لإبقاء هذا الأصل مثلا: لو ادعى ديناً على آخر وجب عليه إثباته بالبينة لأنه يدعي بخلاف الظاهر – أي: بخلاف الأصل- براءة الذمة وأما المدعي عليه المنكر فإنه يتمسك بهذا الأصل فالظاهر يشهد له فيصدق بيمينه لإبقاء هذا الأصل (الأصل براءة ذمة).

167- أمثلة وفروع للقاعدة:

منها: إذا ادعى أحدهما الطوع في العقود والإقرار وادعى الآخر الإكراه فالبينة على مدعي الإكراه لأن الأصل الطوع فادعاء الإكراه ادعاء بما يخالف الظاهر ولا يمين على مدعي الطوع لإبقاء هذا الظاهر-الأصل- وهو الطوع لأنه هو الأصل في العقود والإقرار.

ومنها: إذا ادعت المرأة عدم وصول النفقة والكسوة المقررتين لها في مدة مديدة فالقول قولها لأن الأصل بقاؤهما في ذمته كالمديون إذا ادعى دفع الدين وأنكر الدائن فإن القول للدائن.

168- بيان ما هو الأصل في بعض العقود:

الأصل في الإعارة والوكالة التقييد والإطلاق فيما خلاف الظاهر فمن يدعي خلاف الظاهر فعليه البينة أما المتمسك بالظاهر فيصدق بيمينه وعكس ذلك في الكفالة والمضاربة أي أن الأصل فيهما الإطلاق والتقييد خلاف الظاهر فمن يدعي خلاف الظاهر فعليه البينة ومن يتمسك بالأصل يقبل قوله بيمينه.

169- ما يستثنى من القاعدة:

يخرج عن هذه القاعدة مسائل:

منها: ما لو ادعى المودع رد الوديعة أو هلاكها فالقول قوله مع أن الأصل بقاؤها عنده وإن كلا من الرد والهلاك عارض أي من الصفات العارضة والأصل فيها العدم.

ومنها: ما جاء في المادة 1766 ونصها ( ترجيح بينة الصحة على بينة المرض مثلاً إذا وهب رجل مالاً لأحد ورثته ثم مات وادعى باقي الورثة أنه وهبه في مرض موته وادعى الموهوب له أنه وهبه في حال صحته ترجح بينة الموهوب له.

وإن لم تكن لأحدهما بينة فالقول لمدعي المرض وذلك لأن الأصل أن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته والمرض أقرب للموت من حالة الصحة فكان مدعيه متمسكاً بالأصل فيصدق يمينه أما مدعي الصحة فحيث كان مدعيا خلاف الأصل فلا يصدق إلا ببينة.

زر الذهاب إلى الأعلى