البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية

القاعدة السادسة والتسعون: للاكثر حكم الكل, في شرح القواعد الفقهية

القاعدة السادسة والتسعون: للاكثر حكم الكل

285- معنى القاعدة :

هذه القاعدة تتفق ومنهج الشريعة الإسلامية في إرادة اليسر بالمكلفين ورفع الحرج عنهم ;لأنها تعني أن من يقوم بالأكثر مما كلف به سلف سقط عنه ما كلف به إذا لم يعارضه نص صريح كما في نص صيام شهر رمضان كله فلا يقوم صيام أكثره مقام صيامه كله .

286-شيوع القاعدة في مختلف المذاهب :

ويلاحظ أن هذه القاعدة من قواعد الفقه التي لا يختص بها مذهب فقهي معين , فهي قاعدة معترف بها في مختلف المذاهب الإسلامية وذكروها في كثير من الفروع الفقهيه واعتمدوا عليها في اجتهاداتهم مما يدل على أصالتها ورسوخها وأنها من أصول الشريعة الإسلامية , وقال الإمام النسفي : ” قيام الأكثر مقام الكل أصل في الشريعة ” .

287- من تطبيقات القاعدة والاحتجاج بها :

أولا : قال العلامة تقي الدين الحصني الشافعي في مسألة الحرير للرجال إذا خلط بغيره :” إذا ركب ( أي الحرير ) مع غيره مما يباح استعماله كالكتان وغيره ما حكمه ؟ قال : ننظر , إن كان الأغلب الحرير حرم , وإن كان الأغلب غيره حل تغليبا لجانب الأكثر ; إذ الكثرة من أسباب الترجيح .

ثانيا : وقال العلامة البعلي الحنبلي , وهو يشرح بعض القواعد الفقهية :” منها الأكل من ماله الحرام , هل يجوز أم لا ؟ في المسألة الرابعة أقوال الثاث منها : إن كان الأكثر هو الحرام حرم وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل , قطع به ابن الجوزي في المنهاج .

ثالثا : وعن الإمام مالك : ” من باع نخلا قد أبر بعضها ولم يؤبر البعض الآخر حتى باع فإنه ينظر إلى الذي هو اكثر ويجعل القليل تبعا له “

رابعا : وعن الإمام قاضي خان الحنفي : الجنب إذا أصيب بجراحه على رأسه وأكثر أعضائه سليم فإنه يدع رأسه ويغسل سائر الأعضاء ويمسح موضع الجراحة  ;لأن للأكثر حكم الكل .”

خامسا : وقام الإمام الكاساني في بدائعه في بيان قدر الواجب من العشر في زكاة الزروع : ” ولو سقي الزرع في بعض السنة سيحا ففيه العشر وإن كان الأكثر يسقى بآلة ففيه نصف العشر .

سادسا : وقال الكاساني أيضا في البدائع بشأة الزكاة وشروط التكليف به : فلا تجب الزكاة في مال المجنون جنونا أصليا وأما الجنون الطارق فإن دام سنة كاملة فهو في حكم الأصلي وإن أفاق أكثر السنة وجبت وإلا فلا , وجه هذه الرواية أنه : إذا كان فيه أكثر السنة مفيقا فكأنه كان مفيقا في جميع السنة ; لأن للأكثر حكم الكل في كثير من الأحكام خصوصا فيما يحتاط فيه .

زر الذهاب إلى الأعلى