الإستشارات القانونيةالبحوث القانونية

‏القيود التي ترد على الدعوى الجزائية العامة، قيد الإذن، قيد الشكوى، قيد الطلب

القيود التي ترد على الدعوى الجزائية العامة 

  • يُقصد بالقيود هنا : كل ما يمنع من إقامة الدعوى العامة أو يحول دون اتخاذ أي إجراء من إجراءاتها، بسبب وجود قبلي (وصف) في الفاعل (المتهم) أو في الفعل (الجريمة المنسوبة إليه). وتُقسم تلك القيود في الأنظمة الوضعية.

المختلفة إلى ثلاثة أقسام، على النحو الآتي:

أولاً : قيد الإذن:

الأصل في النظام السعودي أنّ الادعاء العام يقام مباشرة بدون قيد حيال من ارتكب جريمة من الجرائم.

بيد أنّ النظام قد استثنى أصنافاً من الناس لاعتبارات معيّنة فيهم، بعضها راجع إلى النظام الداخلي للمملكة، وبعضها راجع إلى القانون الدولي، فلا يقام عليهم الادعاء العام مباشرة، وهو ما يطلق عليه الحصانة القضائية، وهذا الاستثناء يعتبر قيداً على الادعاء العام فرضته صفة الفاعل، وهي كونه قاضياً أو من في حكمه، أو دبلوماسي).

واستثناء هذين الصنفين من الأصل العام جاء من أجل المصلحة العامة، لا من أجل مصالح الأشخاص الذين أعطيت لهم هذه الحصانة القضائية. وتفصيل الكلام عن هذين الصنفين على النحو التالي :

أ. القضاة ومن في حكمهم:

يتمتع القضاة ومن في حكمهم، كأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، بالحصانة القضائية التي تنص على أنه: لا يجوز القبض على أحدهم أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجنائية قِبَلَه في الأحوال العادية إلا بناء على إذن من المجلس الأعلى للقضاء، أو من الجهة التي تماثله كمجلس القضاء الإداري بالنسبة لقضاة ديوان المظالم، أو لجنة إدارة الهيئة بالنسبة لأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، وهذه الحصانة لا تعني حماية القاضي أو عضو هيئة التحقيق والادعاء العام من العقوبة في حالة ثبوت ارتكاب أحدهم للجريمة وإنما تعني توقف اتخاذ الإجراءات الجنائية ضده على الإذن من المجلس الأعلى للقضاء، أو مجلس القضاء الإداري، أو لجنة إدارة الهيئة بالنسبة لأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام. فإذا صدر الإذن من أحد المجلسين أو من لجنة إدارة الهيئة بذلك ارتفعت الحصانة عن القاضي وعن عضو الهيئة. أمّا في حال التلبس بالجريمة فيتم القبض عليه ورفع الأمر للجهة التي يتبع لها (المجلس الأعلى للقضاء أو لجنة إدارة الهيئة ) خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه والتي لها أن تقرر إمّا استمرار توقيفه أو الإفراج عنه بكفائة أو بغير كفالة، وعطفاً عليه نصت المادة (68) من نظام القضاء على أنه يجب عند القبض على عضو السلك القضائي وتوقيفه – في حالة تلبسه بجريمة – أن يرفع أمره إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه. وللمجلس أن يقرر إما استمرار توقيفه أو الإفراج عنه بكفالة أو بغير كفالة. ولعضو السلك القضائي أن يطلب سماع أقواله أمام المجلس عند عرض الأمر عليه. ويحدد المجلس مدة التوقيف في القرار الذي يصدر بالتوقيف أو باستمراره. وتراعي الإجراءات السالف ذكرها كلما ئي استمرار التوقيف بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس. وفيما عدا ما ذكر، لا يجوز القبض على عضو السلك القضائي أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه، إلا بإذن من المجلس، ويوقف أعضاء السلك القضائي وتنفذ العقوبات المقيدة لحريتهم في أماكن مستقلة، كما نصت المادة [۱۹] من نظام هيئة التحقيق والادعاء العام على أنه: [ في حالات التلبس بالجريمة يجب عند القبض على عضو الهيئة وحبسه أن يُرفع الأمر إلى لجنة إدارة الهيئة في مُدة الأربع والعشرين ساعة التالية، وللجنة أن تُقرّر استمرار الحبس أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة، ولعضو الهيئة أن يطلّب سماع أقواله أمام اللجنة عند عرض الأمر عليها. وتحدّد اللجنة مُدة الحبس في القرار الذي يصدر بالحبس أو باستمرار، وتُراعى الإجراءات السالفة الذكر كلما زئي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررها المحيس، وفيما عدا ما ير لا يجوز القبض على عضو الهيئة أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى الجزائية عليه، إلا بإذن من اللجنة المذكورة. ويتم حبس أعضاء الهيئة وتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية عليهم في أماكن مستقلة.

ب. الدبلوماسيون:

حيث يتمتع الدبلوماسيون بالحصانة القضائية لكي يكونوا في منأى عن سلطان القضاء الدولة المستقبلة، فلا يتخذ ضدهم أي إجراء قضائي يُهدّد استقلالهم ويخل بطمأنينتهم، ويعرقل أعمالهم، لذا كانت الحصانة القضائية من أهم المميزات التي تمنح للممثلين الدبلوماسيين، ويُستند في منحهم هذه الحصانة إلى اتفاقية ((فينا)) لعام ۱۹۹۱م، والتي نصت في المادة [۲۹] على أن : [ تكون حرمة شخص المبعوث الدبلوماسي مصونة، ولا يجوز إخضاعه لأي صورة من صور القبض أو الاحتجاز، ويجب على الدولة المعتمد لديها معاملته بالاحترام اللائق، واتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع أي اعتداء على شخصه أو حريته أو كرامته ، كما نصت المادة [۳۱] من الاتفاقية على أن: [يتمتع الدبلوماسي بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة المعتمد لديها].

وقد انضمت المملكة العربية السعودية إلى هذه الاتفاقية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (۱۹۳) في ١٤٠٠/١١/١٣هـ، وصدر المرسوم الملكي رقم (م/ ۳۸) في ١٤٠٠/۱۱/۲۱ هـ بالمصادقة عليها، وكذا أصبحت الاتفاقية معمولاً بما في المملكة العربية السعودية.

وتشمل هذه الحصانة : رؤساء البعثات الدبلوماسية، ومن هم على درجات الدبلوماسية، كالملحقين، والمستشارين، والإداريين، والفنيين، وأفراد أسرهم، وكذا مستخدمو البعثات في الأفعال التي يقومون بها أثناء أداء واجباتهم الوظيفية .

وهذه الحصانة التي أعطيت للدبلوماسيين ومن يتبعهم شاملة للمسائل الجنائية من غير استثناء. ولا يقصد منها إباحة فعل الجريمة للدبلوماسي، وإنما يقصد منها عدم اتخاذ أي إجراء ضده، ولكن هناك طرق محددة لمساءلته وهي :

الطريق الأول :

أن يحاكم الدبلوماسي في دولته، كما جاء في الفقرة الرابعة من المادة [۳۱] من الاتفاقية : [أنّ تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة القضائية في الدولة المعتمد لديها لا يعنيه من قضاء الدولة المعتمدة )

الطريق الثاني :

التنازل عن الحصانة، فقد جاء في المادة [۳۲] من الاتفاقية أنه : يجوز للدولة المعتمدة أن تتنازل عن الحصانة القضائية التي يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون والأشخاص المتمتعون بما بموجب المادة (٣٧)، وعليه فإذا ارتكب المبعوث الدبلوماسي جريمة من الجرائم، فإمّا أن ترفع عليه الدعوى الجزائية في دولته فتتم محاكمته فيها، وإما أن تتنازل دولته عن حصانته القضائية فتتم محاكمته في الدولة التي ارتكب فيها الجريمة.

ثانياً : قيد الشكوى:

والمقصود بهذا القيد: توقف الادعاء العام – في جرائم معيّنة – على تقليم مطالبة من المجني عليه؛ عطفاً على ما نصت عليه المادة [۱۷] من نظام الإجراءات الجزائية من أنّه: [لا تحوز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراء التحقيق].

في الجرائم الواجب فيها حق خاص بالأفراد إلا بناء على شكوى من المجني عليه، أو ممن ينوب عنه، أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة؛ إلا إذا رأت هيئة التحقيق والادعاء العام مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق في هذه الجرائم.]، ويُقصد بالجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد ما اقتصر الضرر فيها على المجني عليه، ولم يتجاوزه إلى الإخلال بالنظام العام؛ كالسب أو القذف في مكان غير علني، وكالسرقة والاختلاس من أصول المجني عليه أو فروعه، وهذا تُعتبر شكوى المجني عليه في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد، قيداً على الادعاء العام، بيد أنّ النظام وضع في الاعتبار حالة وجود مصلحة عامة، ولم يجعل لهذا القيد أثراً في هذه الحالة، وأجاز لهيئة التحقيق والادعاء العام أن تحقق في هذه الجرائم وترفع الدعوى العامة فيها متى ما رأت أنّ المصلحة العامة تستدعي ذلك.

ثالثاً : قيد الطلب:

الطلب هو: تعبير يصدر من إحدى الهيئات العامة التي عيّنها المنظم يوجّه إلى الادعاء العام (النيابة العامة) ويكشف بوضوح عن إرادة الهيئة العامة في تحريك الدعوى الجزائية ضد المتهم، حيث قدر المنظم أنّ هناك بعض الجرائم تستوجب أن يكون تقدير مدى ملاءمة رفع الدعوى فيها من عدمه متروكاً إلى جهات أخرى غير النيابة العامة حيث تكون هذه الجهات بحكم وضعها وظروفها أقدر على فهم كافة الظروف والملابسات ووزن كافة الاعتبار آت التقرير رفع الدعوى الجنائية من عدمه، ويقدم الطلب إلى النيابة العامة بحسبانها الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل عن حصانته القضاه بتحريك الدعوى التائية، وقرتيباً على ما تقدم قرّر المنظم السعودي في الفقرة (ثانياً) من المرسوم الملكي الكريم رقم (م/14) وتاريخ 1434/4/6 هـ الآتي:

” تحال أوراق القضية – المتعلقة بضبط قضايا تهريب المخدرات والمسكرات في الدوائر الجمركية – إلى الجهات المختصة، ويوجه مدير عام الجمارك خطاباً إلى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام يتضمّن تحريك الدعوى في الشق الجمركي لجريمة التهريب طبقاً للمادة (۱۰۰) من نظام (قانون) الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويتضمن المطالبة أمام المحكمة الجزائية بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام (قانون الجمارك الموحد).

زر الذهاب إلى الأعلى