أحكام القضائية السعوديةالبحوث القانونية

حكم قضائي: بعضل والدها الذي يرفض الخطاب بحجة أنهم غير مكافئون

‏المدعية تطالب بعضل والدها الذي يرفض الخطاب بحجة أنهم غير مكافئون ؛ ولا يريد إلا شاباً من عائلته فقط ، وعمرها فوق ثلاثين سنة ، وتطلب إثبات عضل والدها ، ونقل الولاية لأخيها،تكملة الحكم…..

الحمد لله وحده وبعد فلدي أنا …. القاضي في محكمة الأحوال الشخصية بالرياض ، وبناء على المعاملة المحالة من فضيلة الرئيس برقم (….) وتاريخ ………./1436 هـ المقيدة بالمحكمة برقم (….) وتاريخ … /…./1436 هـ، ففي يوم الثلاثاء …./…./1436 هـ افتتحت الجلسة للنظر في الدعوى المقامة من فاطمة بنت محمد ….. سعودية الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (……) ضد والدها محمد بن علي بن …. سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (….) وفيها حضرت سعاد بنت …. سعودية الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (….) حال كونها وكيلة عن المدعية بموجب الوكالة الصادرة من كتابة العدل الثانية بشرق الرياض برقم (….) في ……………/1436هـ المنصوص في الوكالة على ” المرافعة والمدافعة والإنكار وطلب اليمين ورده والامتناع عنه ” ولم يحضر المدعى عليه ولا من ينوب عنه ، وقد وردنا من المحضر بالمحكمة فيصل …. برقم (…) أن المدعى عليه محمد بن علي … تبلغ بالموعد يوم الاثنين في …/…/1436هـ ووقع عليه وبجانب توقيعه كتب بقوله :” لن أحضر ” لذا وللفقرة (2) من المادة (57) من نظام المرافعات الشرعية قررت سماع الدعوى حضورياً ،

وسألت المدعية وكالة عن الدعوى فقدمت مذكرة مؤرخة في …./ 1436/08هـ مكونة من ثلاث ورقات ونصها ما يلي :” تتلخص الدعوى بأن موكلتي شابه في العقد الثالث من عمرها، تعيش مع والدتها، وهي من قامت بتربيتها والعناية بها هي وإخوتها بعد انفصالها عن والدهم،، تقدم لها الكثير لخطبتها ورفض والدها تزويجها لأسباب يراها هو من وجهة نظره أنها مانعة من زواج ابنته ، وهي كفاءة النسب حيث أنه يرى أن كفاءة النسب لا تخرج عن إطار عائلتها لأبيها من أبناء عمها ، فهو يرفض جميع من يتقدمون لخطبتها قبل السؤال والتحري عنهم، واتباعاً لقوله تعالى: ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) وبما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكون فتنة في الأرض وفساد كبير) ولا سيما في عصرنا هذا عصر الفتن . حيث إن المدعى عليه وهو والد موكلتي منعها من الزواج بالأكفاء، قال ابن قدامة: (معنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه) والعضل نوع من الظلم المحرم قال ابن تيمية: (فليس لولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفئاً باتفاق الأئمة، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية، والظلمة) فيحق لموكلتي والحال كذلك بإثبات عضل والدها عن الزواج بالرغم من تقدم الكفء لها مرات عديدة سابقة . نحترم وجهة نظره كأب ولكن لم يقتنع هداه الله بمدى حاجة المدعية للزواج وتكوين أسرة بإنجابها ذرية صالحه بإذن الله، أما السبب الآخر بإصرارها على الزواج و هو ما تتطلع إليه كل فتاة بإنجاب الذرية ولا سيما أنه تم إجراء عملية استئصال المبيض الأيمن لموكلتي في مستشفى بولاية بوستن بالولايات المتحدة الأمريكية في تاريخ وسبتمبر 2014م،، وقد تم إرشادها من قبل الطبيب المختص ونصحها بالزواج المبكر في حال رغبتها بالإنجاب، وإليكم مرفق من التقارير الطبية ، وكذلك ترجمتها ترجمة معتمدة . وبعد أن تقدم لها شاب من عائلة (….) لخطبتها والسؤال عنه من قبل خالها (عبد الكريم ……) فهو ممن يُشهد له بالصلاح والخلق الكريم، تمت محاولات عده من قبل موكلتي وخالها ووسطاء آخرين من العائلة بإقناع المدعى عليه بتزويجها ولكن لا جدوى من ذلك ، بل والأمر من ذلك أن المدعى عليه هداه الله حرم موكلتي من الزواج بالكفء ، وكذلك أختها ولا مانع لديه من أن يزوجهم من سيء الخلق أو الغير مستقيم بشرط أن يكون من العائلة فقط ؛ لأنه هو شخصياً غير مستقيم ويشرب الخمر والعياذ بالله .

الطلبات : نطلب من فضيلتكم عضل المدعى عليه، وذلك بعقد نكاح موكلتي على الشاب المتقدم لها بأن يكون القاضي وليها الشرعي أو نزع الولاية الشرعية من المدعي عليه بأن يكون وليها الشرعي أخاها عبدالله ….. والذي أكمل الثامنة عشر من عمره في تاريخ 1436/8/11 هـ حتى تعيش موكلتي عيشة كريمة بإذن الله . ” ثم سألت المدعية وكالة البينة على عضل المدعى عليه لموكلتها قالت : إنه حضر في هذا المجلس عبدالكريم …. سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (…..) وبسؤاله عما لديه من شهادة قال :” إني أشهد بالله أن المدعى عليه محمد …. تقدم له شاب اسمه نايف ….. جده كان وزيراً …. وهو من قبيلة بني …. وهو شاب كفء لو تقدم لابنتي لزوجته إلا أن المدعى عليه رفض ، كما تقدم الخاطب بدر ….. وهو من قبيلة ……. وهو شاب كفء ورفض المدعى عليه تزويجه حيث يزعم أنه لا يكافئ ابنته إلا من عائلته فقط ، كما أشهد بالله أن المدعى عليه ليس أهلاً للولاية حيث لا يصلي وأبناؤه الكبار غير ابنه عبد الله ليسوا أهلاً للولاية ” هكذا شهد، وبسؤالها هل لديها مزيد بينة ؟ قالت : إنه كذلك حضرت في هذا المجلس ثمرة بنت ….. سعودية الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (….) وبسؤالها طبق ما سألت به الشاهد الأول قالت : ” أشهد بالله العلي العظيم أن المدعى عليه محمد …. عاضل ابنته ولا يريد أن يزوجها إلا من عائلتها ” هكذا شهدت . وبسؤالها هل لديها مزيد بينة ؟ قلن : سوف نحضرها في الجلسة القادمة هكذا ذكرن ، وعليه رفعت الجلسة . ثم في جلسة أخرى حضرت المدعية وكالة …. ولم يحضر المدعى عليه ولا من ينوب عنه ، وبسؤالها عما استمهلت عليه من أجله قالت : إنه حضر في هذا المجلس عبد الله بن …. سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (…..) وبسؤاله عما لديه من شهادة قال : ” إني أسمع من زمان من والدتي وحين أخالط والدة المدعية ….. أن والد المدعية محمد …. لا رغبة له في تزويج بناته إلا من العائلة نفسها ” هكذا شهد . فسألته هل سبق أن التقيت بالمدعى عليه وسمعت من هذا الكلام ؟ فقال : لم يسبق لي لقياه ولم أسمع منه هذا الكلام ، هكذا ذكر . فسألت المدعية وكالة هل لديها مزيد بينة ؟ قالت : ليس لدي سوى ما أحضرته هكذا قررت . ثم حضرت المدعية أصالة ، وبسؤالها عن معدلين تشاهدها عبدالكريم ….. قدمت كلاً من : سعود بن …. سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (….) ومهجع بن ….. سعودي الجنسية بموجب الهوية الوطنية رقم (….) وبسؤالهما عن الشاهد قالا :” إننا نشهد بعدالة الشاهد عبد الكريم …. ونعرفه حق المعرفة ، ولا نقول فيه إلا خيراً ” هكذا شهدا . وبسؤالها اليمين على صحة دعواها قالت : لا مانع لدي من أداء اليمين هكذا ذكرت . وبعد تخويفها من مغبة اليمين واستعدادها بأداء اليمين حلفت على الصيغة المطلوبة منها قائلة :” والله العلي العظيم عالم الغيب والشهادة أن والدي المدعى عليه محمد بن …. منع تزويجي من شباب كثر تقدموا لخطوبتي منهم شاب اسمه نايف …. ، وشاب من عائلة …. ، وشاب من عائلة …. ، وقد تقدم إلي في هذه الفترة الحالية شاب اسمه بدر …. ورفض والدي تزويجي من الجميع بحجة أن لا أحد يكافئنا إلا من عائلتنا ….. ” هكذا حلفت .

وسألت المدعية من ترغبين في أن يكون ولياً عنك في التزويج ؟ فقالت : أخي الحاضر عبدالله و عمره ثماني عشرة سنة وهو شاب صالح ومتيقنة بأنه سيكون صالحاً للولاية هكذا ذكرت . وبسؤال الحاضر بدر عن استعداده بأن يكون ولياً في تزويج أخته المدعية قال : نعم لأني شقيق لها ومستعد بذلك هكذا قرر . وبعد تصفح أوراق المعاملة وجدت المدعى عليه والد المدعية ….. تبلغ بموعد الجلسة الثانية في السابع والعشرين من شهر شعبان الماضي ؛ ولأن الفقرة (2) من المادة (57) من نظام المرافعات الشرعية نصت على ما يلي :” إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله في الدعوى نفسها بموعد الجلسة ، أو أودع هو أو وكيله مذكرة بدفاعه لدى المحكمة قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى ولم يحضر،  أو حضر المدعى عليه في أي جلسة ثم غاب ، فتحكم المحكمة في الدعوى ، ويعد حكمها في حق المدعى عليه حضورياً ” ولأن المدعى عليه ناكل ، والنكول يقوم مقام الشاهد والبينة كما قرر ذلك ابن القيم – رحمه الله – ، هذا وبعد سماع دعوى المدعية مطالبتها بإثبات عضل والدها المدعى عليه لها ونقل الولاية، لأخيها الشقيق عبدالله المولود في الحادي عشر من شهر شعبان سنة ثمان عشرة وأربعمئة وألف من الهجرة ، وسألت المدعية البينة على عضل والدها لها فقدمت لنا خالها عبد الكريم ….. والذي شهد بأن المدعى عليه عاضل لابنته المدعية وممتنع من تزويجها إلا من عائلتها آل ….. ، وقد عدل الشاهد التعديل الشرعي كما هو مبين سلفاً ، ثم قدمت لنا المدعية شاهدين آخرين لم تتقوى بها شهادة الأول لكون الشاهد الأول امرأة ، والآخر شهد بما سمعه من والدته لا بما اطلع عليه من حال المدعية ووالدها المدعى عليه ، وعند تعذر تتميم البينة انتقلت إلى تحليف المدعية على صحة دعواها فحلفت المدعية على الصيغة المطلوبة منها ؛ استدلالاً بحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين ” قال الشافعي : حديث ابن عباس ثابت ومعه مايشده ، والحكم بالشاهد الواحد مع اليمين هو مذهب فقهاء الحديث وعليه جماهير الفقهاء خلا أبا حنيفة وأصحابه ، قال ابن القيم :” وليس في القرآن ما يقتضي أنه لا يحكم إلا بشاهدين ، أو شاهد وامرأتين ؛ فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به ، فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك ، ولهذا يحكم الحاكم بالنكول واليمين المردودة ، والمرأة الواحدة ، والنساء المنفردات لا رجل معهنّ ، وبمعاقد القمط ، ووجوه الأجر ، وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن ، فإن كان الحكم بالشاهد واليمين مخالفاً لكتاب الله ، فهذه أشد مخالفة لكتاب الله منه ، وإن لم تكن هذه الأشياء مخالفة للقرآن فالحكم بالشاهد واليمين أولى ألا يكون مخالفاً للقرآن ، فطرق الحكم شيء ، وطرق حفظ الحقوق شيء آخر ، وليس بينهما تلازم … والقضاء بالشاهد واليمين مما أراد الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه سبحانه قال :” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ” وقد حكم بالشاهد واليمين مما أراه الله إياه قطعا ” الطرق الحكمية ص 360 ا.هـ قلت : وأما ما ذهب إليه الأصحاب من حصر القضاء بالشاهد واليمين في الأموال فليس بقوي ؛ إذا الحديث جاء عاماً وتخصيصه يحتاج إلى دليل ، ثم قدمت المدعية أخاها بدراً ليكون ولياً في تزويجها ، وقد اطلعت على شهادة ميلاده الصادر من أحوال مدينة الرياض برقم (…….) وتاريخ 1418/12/24 هـ ، وشهادة ميلاد المدعية الصادرة من أحوال مدينة الرياض برقم (….) وتاريخ 1419/01/11هـ المتضمنتان أن والدهما محمد بن … ، وأمهما سعيدة بنت …. ، ولم أحتج إلى تعديل أخيها الشقيق ؛ ” فقد جاء عند أحمد في اشتراط عدالة الولي روايتان أحدهما: أنها ليست شرطاً . نقل مثنى بن جامع أنه سأل أحمد : إذا تزوج بولي وشهود غير عدول ؟ فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء . وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي ؛ لأنه يلي نكاح نفسه ، فتثبت له الولاية على غيره كالعدل ، ولأن سبب الولاية القرابة ، وشرطها النظر ، وهذا قريب ناظر ، فيلي العدل ” الشرح الكبير (182/20) ، وبما أن المصلحة الظاهرة تقتضي تزويج المدعية من الراغب فيها ؛ لأن بقاء المرأة بدون زوج فتنة لها لاسيما في وقتنا الحاضر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا ضرر ولا ضرار ” رواه الدارقطني والبيهقي ، وحسنه النووي في الأربعين والألباني في الإرواء ، ومن القواعد المقررة شرعاً لدى الفقهاء قاعدة :” سد الذرائع ” ، ولما نص عليه ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني 384/9 من قوله :” فإن رغبت في كفه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها ” واستناداً إلى قول الله تعالى :” فلا تعضلوهن ” قال ابن أبي عمر في الشرح الكبير (184/20) :” العضل منع المرأة من التزويج بكفنها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه ، فمتى وجد ذلك انتقلت الولاية إلى الأبعد . نص عليه أحمد ” ولجميع ما تقدم ثبت لدي عضل المدعى عليه الغائب عن هذا المجلس محمد بن …. للمدعية ابنته فاطمة ….. وانتقال ولاية التزويج لأخيها الشقيق عبدالله بن … وبه حكمت . وأفهمت الولي بأن يتقي الله في أخته المدعية ، وأن يحسن إليها ، ويختار لأخته المكافئ في دينها ففهم ذلك . ثم أفهمت المدعية بعد تسليمها نسخة من الصك بأن الحكم حضوري في حق والدها المدعى عليه ، وأن له حق الاعتراض عليه اعتباراً من يوم الأحد القادم الموافق للخامس من شهر الله المحرم مدة ثلاثين يوماً ، وإن لم يتقدم باعتراضه خلال هذه المدة فإن حقه في طلب استئناف الحكم يسقط ويكتسب هذا الحكم الصفة القطعية .

زر الذهاب إلى الأعلى