أحكام القضائية السعوديةالأحكام والاستشارات القضائيةالبحوث القانونية

حكم قضائي: في عقد شركة مضاربة لتنفيذ مشاريع مع شركة عبارة عن جسر

  • المحكمة العامة بمكة المكرمة
  • الدائرة التجارية الثانية
  • الحكم الصادر في الدعوى التجارية رقم (254) لعام 1439هـ
  • المقامة من المدعي / (…) سجل مدني رقم (٠٠٠).
  • ضد المدعى عليه / (…) سجل مدني رقم (…).
  • ‏تصنيف الدعوى : تجاري – شراكة 
  • الحكم : الحكم بإلزام المدعى عليه بدفع المبلغ للمدعي 
  • السبب : المتقرر في الشريعة مراعاة مسئولية التابع عن أعمال متبوعه ونسبة أعمال التابع للمتبوع وما يترتب على تلك الأعمال من التزامات وضمان ونحوهما فلا يجوز للمدعى عليه التنصل من أعمال تابعه وشريكه

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام من لا نبي بعده، أما بعد: فإنّه في يوم الأثنين 1439/7/23هـ، بمقر المحكمة العامة بمكة المكرمة عقدت الدائرة التجارية الثانية جلسة برئاسية:

القاضي: د عبد الله بن جابر الزهراني

وبحضور فهد بن محمد الفيفي أميناً للسر، وذلك للنظر في القضية المذكورة بياناتها أعلاه والمحالة إلى الدائرة بتاريخ 1439/3/15هـ.

(الوقائع)

تتلخص وقائع القضية الماثلة في أن المدعي أصالة تقدم إلى هذه المحكمة بصحيفة دعوى يختصم فيها المدعى عليه، وبقيد الدعوى وإحالتها إلى هذه الدائرة باشرت نظرها، وفقاً لما ورد بمحاضر الضبط، ففي جلسة 1439/5/29هـ حضر طرفا الدعوى ثم سألت الدائرة المدعي عن دعواه فأجاب أنها وفقاً لما جاء في صحيفة دعواه حيث تعاقد مع المدعى عليه عقد شركة مضاربة لتنفيذ مشاريع مع شركة (…) عبارة عن جسر يربط طريق المكرونة مع مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وأنه دفع للمدعى عليه مبلغ (300,000) ريال، موجب سند القبض رقم (109) وتاريخ 2012/9/10م، وأن المدعى عليه استلم كامل مستخلصاته ومستحقاته من شركة (…)، ولم يدفع له شيئاً من الأرباح أو رأس المال، وانتهى إلى طلب إلزام المدعى عليه بدفع رأس المال والأرباح المستحقة له في الشركة، وتعويضه عن الأضرار التي لحقته من تأخر ومماطلة المدعى عليه، ثم سألت الدائرة المدعي عن نسبة الأرباح المتفق عليها، فأجاب أن نسبته 30% من الأرباح، والباقي للمدعى عليه، ثم طلبت الدائرة أصول المستندات المرفقة بصحيفة الدعوى للمطابقة عليها، والمستندات المثبتة الحصول المدعى عليه أرباح، فاستعد بذلك، وبعرض ذلك على المدعى عليه أجاب بأنه لم يستلم شيئاً من المدعي، وأن الذي استلم المبلغ هو (…)، فسألته الدائرة عن سند القبض رقم (109) فأجاب أنه لم يوقع السند وأنكر التوقيع، وطلب مهلة لتقديم إجابة مكتوبة، وبجلسة 1439/5/17هـ حضر طرفا الدعوى ثم قدم المدعى عليه مذكرة أرفق بها عدداً من المستندات زود المدعي بنسخة منها فطلب أجلاً للاطلاع والرد، وقد تضمنت مذكرة المدعى عليه أن (…) كان شريكه السابق قام بإنشاء محفظة بمبلغ (3,000,000) ثلاثة مليون ريال، ليتسنى لهم العمل بإنشاء كبري بمشروع توسعة مطار الملك عبد العزيز بجدة، وهو كيري (…)، الذي يخرج من المطار على امتداد شارع الملك فهد بطول (200) متر، وتطلب المشروع بتجهيز العمل من شراء معدات وسقايل وأخشاب وألواح معدنية لعمل القواعد والعمدان واستيراد مواد، وقد تم تجهيز عمل الكبرى كاملاً وكانت جميع المبالغ قد أودعت في حساب (…)، حيث كان هو مدير الموقع وكان هذا المبلغ تحت تصرفه فهو من قام وتعامل مع المساهمين في المشروع حيث طلب منه مراراً الالتقاء بالمساهمين ليشرح لهم كيف تسير الأمور وكان يقول إنه هو المسئول ولن يأتيه أحد وبالفعل لم يأته أحد حتى توقف المشروع، وبعد ذلك فوجئ باتصالاتهم، أما بالنسبة لسند القبض فهذا من فعل (…)، حيث أخذ السندات دون علمه ووزعها على المساهمين بعضها يحمل توقيعه وبعضها توقيع مجهول وبعضها تزوير توقيعه، حيث إن له سابقة تزوير توقيعه على شيك للبنك السعودي الفرنسي بمبلغ (500,000), خمسمائة ألف ريال، ورصدته كاميرات البنك وهو يقوم بالتزوير والتوقيع على الشيك، أما بالنسبة للشراكة في الأرباح فهو على النحو التالي: (…) (50%) من الأرباح، المساهمين (30%)، (…) (15%) من الأرباح، (…) (5%)، وأضاف أنه نظراً لتغير نظام العمالة في السعودية لم يتم إنجاز المشروع سوى عمل القواعد والعمدان وحسب بعض الأسقف ما يقارب 6 من 24 سقفن وذلك لعدم توفر العدد الكافي من العمالة علماً بأنه تم إفهام (…) بذلك، وأن المشروع يحتاج إلى عمائة كثيرة وليس سوى 29 عاملاً وقد تكفل بإحضار عمالة خارجية ولكن بعد تغيير النظام منه من عمل العمالة عند غير كفلائهم، مما أدى إلى توقف العمل، أما بالنسبة لإيرادات ومصروفات المشروع فقد أضطر لإدخال المهندس (…) لتمويل وتحريك عجلة المشروع، وهذا بعلم (…)، الذي رفض إبلاغ المساهمين أو إعطائه رقم واحد منهم لأنه يدخل في نسبة أرباح المساهمين، وقام (…) بعد توقف المشروع بحمل جميع المستلزمات والمعدات الخاصة بالمشروع وبيعها ولم يأخذ مناد شيئاً، وأن المدعي دخل معه على أساس أنه شريك في الربح والخسارة، ولم يضمن له رأس المال وذكر أنه خسر وأنه مطالب بمبلغ (2,840,210) ريال، وبجلسة هذا اليوم حضر طرفا الدعوى، ثم قررا الاكتفاء بما سبق تقديمه، وحصر المدعي دعواه في طلب إلزام المدعى عليه بتسليمه رأس المال، ثم أصدرت الدائرة حكمها مبنياً على الأسباب التالية:

(الأسباب)

ولما كانت العلاقة بين الطرفين تتعلق بعقد شركة مضاربة، وحيث حدد نظام المحكمة التجارية ونظام المرافعات الشرعية وفق المادة (35) ما يختص القضاء التجاري بنظره من النزاعات، وحصرها فيما يحدث بين التجار ومن لهم هم علاقة تجارية من منازعات متولدة من أمور تحارية أصلية أو بالتبعية، ومن ثم يكون النزاع المائل داخلاً ضمن اختصاص الدوائر التجارية.

ولما كان من المقرر في الفقه والقضاء أن الدعوى تقام أمام المحكمة التي تقع في نطاق محل إقامة المدعى عليه، وحيث تبين أن مقر المدعى عليه بسجن الإصلاحية بمكة المكرمة، فإن هذه المحكمة تكون مختصة بنظر هذه الدعوى مكانياً؛ وفقاً للمادة (36) من نظام المرافعات الشرعية.

أما من حيث الموضوع، وبما أن المدعي قد حصر دعواه في طلب إلزام المدعى عليه بإعادة رأس المال، وحيث إن الثابت من خلال العقد المرفق صورته، المطبوع على مطبوعات مؤسسة (…) والموقع من المدعى عليه، والجمهور بختم المدعى عليها، وقد تضمن العقد في ديباجته أن الطرف الأول هو المدعى عليه، وهو ممثل مؤسسة (…)، وأن الطرف الثاني هو المدعي، كما تضمن العقد ما يثبت استلام مبلغ (300,000) ثلاثمائة ألف ريال، من المدعي، وتملكه (300 سهم في الشركة)، كما تضمن العقد أن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من تاريخ 1433/10/14هـ، كما تضمن العقد الاتفاق على العمل وهو تنفيذ مشروع كبري (…) الرابط لمطار الملك عبد العزيز الدولي، والتعاقد مع شركة (…) من الباطن، برأسمال قدره (3,000,000) ثلاثة ملايين ريال، كما أن الثابت من سند القبض رقم (105) استلام مؤسسة (…) مبلغ (300,000) ثلاثمائة ألف ريال من المدعي، وذلك عن طريق تحويلها لحساب (…)، وقد مهر السند بختم المؤسسة، وهو مطبوع على مطبوعاها، وجميع ما سبق فإن الدائرة تنتهي إلى ثبوت الشراكة بين طرفي الدعوى، وإلى أن المدعى عليه قد أستلم المبلغ الذي يمثل رأس مال المدعي، وباستلام المدعى عليه المال، وتصرفه فيه ثبتت الشراكة بين الطرفين، وتلاقت الإرادتين، وسواء كان المدعى عليه هو من باشر إبرام العقد والتوقيع والختم، على العقد والسند، أم كان شخصاً آخر شريكاً للمدعى عليه أم عاملاً لدى المدعى عليه، حيث إن المدعى عليه قد أقر بشراكة (…) بنسبة 10%، وأقر أن (…) كان يستلم المبالغ وييرم العقود ويعطي سندات قبض، وهو ما يعد تفويضاً من المدعي عليه، وإذ كان لا يعلم عن ذلك فهو تفريط منه، إذ إن المتقرر في الشريعة الإسلامية، مراعاة مسئولية التابع عن أعمال متبوعة، ونسبة أعمال التابع للمتبوع، وما يترتب على تلك الأعمال من التزامات وضمان ونحوهما، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (ومن مملوكه يتصرف له تصرف الوكيل وهو يعلم، ثم فعل شيئاً، فقال: ليس وكيلي، لم يقبل إنكاره حتى لو قدر أنه لم يوكله فتفريطه وتسليطه عدوان منه يوجب الضمان)، واستناداً إلى قاعدة التابع تابع، وأن المتبوع مسئول عن تابعيه، فلا يجوز للمدعى عليه التنصل من أعمال تابعه وشريكه بأي حال، كما لا يقبل من مالك المؤسسة المدعى عليها الإقرار بمسئولية بعض التعاملات دون البعض الأخر، وإن كان الشريك يعمل لحسابه الخاص ويتصرف دون علم شريكه، فإن هذه العلاقة في حقيقتها علاقة ثنائية بين مالك المؤسسة وشريكه وله الرجوع عليه إن أخل، الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى انعقاد الشركة بين طرفي الدعوى، وأن المدعى عليه له صفة في الدعوى.

وحيث إن العقد بين طرفي الدعوى قد انتهى في تاريخ 1434/10/10هـ، حسبما ورد في العقد، لذا فإن الواجب على المدعى عليه أن يعيد رأس المال إلى صاحبه، وأن يصفي الشركة، ويحسب نصيب كل شريك من الربح، وحيث إن الثابت حصول المدعى عليه على رأس المال من مالك المشروع، حيث ورد في الخطاب الموقع من المدعى عليه والممهور بختم مؤسسته، الموجه لشركة (…) ما نصه: (نفيدكم نحن مؤسسة (…) للمقاولات العامة أننا قد استلمنا كافة مستحقاتنا عن الأعمال المنفذة بمطار الملك عبد العزيز بجدة والموكلة لنا من قبل (…) السعودية وليس لنا أي مطالب مالية لديهم ولا يحق لنا المطالبة)، ما يثبت معه أن المدعى عليه قد استلم كامل رأس المال، لذا فإن الواجب عليه إعادة المال إلى أربابه، وهو ما تقضي به الدائرة.

(فلذلك)

حكمت الدائرة: بإلزام المدعى عليه (…) سجل مدني رقم (…)، أن يدفع للمدعي (100) سجل مدني رقم (…) مبلغاً مالياً قدره (300,000) ثلاثمائة ألف ريال، لما هو موضح بالأسباب. والله المُوَفّق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

أمين السر                        فهد بن مُحَمّد الفيفي

رئيس الدائرة                 د. عبد الله بن جابر الزهراني

زر الذهاب إلى الأعلى