البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية
القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها, في شرح القواعد الفقهية
القاعدة الأولى :الأمور بمقاصدها
-
أصل هذه القاعدة :
أصل هذه القاعدة الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال و هو على المنبر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “إنما الأعمال بالنيات , و إنما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته الى الله و رسوله فهجرته الى الله و رسوله , و من كانت هجرته الى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه”.
-
شرح القاعدة :
المقصود بهذه القاعدة أن الأحكام الشرعية في أمور الناس و معاملاتهم ننكيف حسب قصودهم – أي نياتهم – من إجرائها , فقد يعمل الإنسان عملا بقصد معين فيترتب على عمله حكم معين , و قد يعمل نفس العمل بقصد آخر فيترتب على عمله حكم آخر ,
-
من تطبيقات هذه القاعده :
-
أن ملتقط اللقطة يعتبر أمينا , لا ضمان عليه إذا هلكت اللقطة في يده بدون تعد منه أو تقصير , إذا كان قصده من التقاطها حفظها و ردها الى صاحبها , و يعتبر غاضبا إذا كان التقاطها بقصد تملكها فيضمن هلاكها و تلفها , و لو كان هلاكها بدون تعد منه أو تقصير لأنه
غاضب , و الغاضب يضمن هلاك المغضوب مطلقا , و بهذا جاءت المادة 769 من مجلة الأحكام العدلية .
-
و من تطبيقات القاعدة أو فروعها , انعقاد البيع بلفظ الفعل المضارع بقصد الحال لا الاستقبال كقوله البائع : أبيعك فرسي بكذا مبلغ , فيقول المخاطب : قبلت , و لكن إذا قصد بالفعل المضارع الاستقبال لا ينعقد به البيع .
ج- لو نصب أو نشر الصياد شبكته فتعلق بها الطير , فإن كان قد نشر شبكته لتجفيفها أو لإصلاحها فالصيد – الطير- الذي تعلق بالشبكة لمن سبقت يده إليه , و إن كان قد نصبها للاصطياد فالصيد لصاحبها , و إن أخذه غيره كان كان غاصبا , و تنطبق عليه أحكام الغضب .
-
وصف الفعل بالحل و الحرمة بناء على قصد فاعله :
و كما أن الفعل يتكيف حكمه في أحكام الدنيا بناء على قصد صاحبه , أي : فاعله , فكذلك يتغير حكمه من جهة وصفه بالحل و الحرمة بناء على قصد فاعله كالنكاح مستحب و سنة من سنن الإسلام , و لكن يحرم إذا كان قصد صاحبه مضارة الزوجة أو ظلمها .
و إمساك الزوجة بمراجعتها أثناء العدة بقصد استمرار الزوجية و استدامتها و القيام بحقوقها , هذا الإمساك بهذا القصد أحب الى الله من تسريحها , و يحرم هذا الأمساك إذا كان بقصد الإضرار بالزوجة بتطويل عدتها , قال تعالى : (و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) “البقرة:23” و جاء في تفسيرها : و المعنى : إذا طلقتم النساء فقاربن آخر العدة فلا تضاروهن بالمراجعة من غير قصد لاستمرار الزوجية و استدامتها و القيام بحقوقها , بل اختاروا أحد أمرين : إما الإمساك بمعروف من غير قصد الأضرار بها , أو التسريح بإحسان , أي : تركها حتى تنقضي عدتها من غير مراجعة (ولا تمسكوهن ضرارا) ,(و من يفعل ذلك) أي الأمساك المؤدي الى الضرار (فقد ظلم نفسه) لأنه عرضها لعقاب الله و سخطه بسبب ظلمه لهن . قال الزجاج : يعني : عرض نفسه للعذاب , لأن إتيان ما نهى الله عنه تعرض لعذاب الله .
-
النية المجردة لا حكم لها في أحكام الدنيا :