أحكام القضائية السعوديةالأحكام والاستشارات القضائيةالبحوث القانونية

‏الاختصاص في القضايا ‎العقارية بعد انضمام المحاكم التجارية للقضاء العام

الاختصاص في القضايا العقارية بعد انضمام المحاكم التجارية للقضاء العام

الحمد لله وحده أما بعد :

القضايا العقارية قبل السلخ كانت من اختصاص القضاء العام بكافة أنواعها وصورها هذا ما استقر عليه العمل في ديوان المظالم وكثير من الأحكام القضائية في القضاء العام وهو الذي درجت عليه محاكم الاستئناف والمحكمة العليا ولجنة تنازع الاختصاص بالمجلس الأعلى للقضاء ولكن بعد الضم وما نص عليه الأمر السامي رقم م/ 1 في 1435/1/22هـ، من إلغاء عبارة (كما وأن دعاوى العقارات وإيجاراتها لا تعد من الأعمال التجارية)، الواردة في المادة 3 من نظام المحكمة التجارية.

فقد يحصل تنازع في الاختصاص بين المحكمة التجارية والمحكمة العامة وسبب هذا التنازع الاختلاف في فهم مادتين في نظام المرافعات المادة 31 فقرة أوالتي نصت على اختصاص المحكمة العامة بالدعوى في العقار واجرته والمساهمة فيه والحقوق المتعلقة به مما نصت عليه والمادة 35 التي نصت على أن الدعوى التي تقع على التاجر بسبب تجارته وكذلك الدعاوى التجارية كلها من اختصاص المحكمة التجارية.

فمن نظر إلى نص الاختصاص في المحكمة العامة قرر أن دعاوى العقار من اختصاص المحكمة العامة بكافة صورها ومن نظر إلى صفة العقار هل هو تجاري أم لا قرر أن ما كان تجاريا فمن اختصاص المحكمة التجارية وما كان غير تجاري فمن اختصاص المحكمة العامة .

والحقيقة أن الموضوع يحتاج إلى تأمل وتمحيص ونظر في نظام المرافعات ونظام المحكمة تجارية والأمر السامي الصادر بالموافقة على نظام المرافعات والذي نص على إلغاء جزأين من نظام المحكمة التجارية فيما يتعلق بالعقار أنشاء وبيعا أو إجارة.

وقبل الكلام في الاختصاص لا بد أن نعرف متى تكون الدعوي تجارية ؟

الدعوى التجارية لها ثلاثة ضوابط إذا انطبق أحد هذه الضوابط على الدعوي فهي تجارية .

الضابط الأول:

أن تكون الدعوى بين تاجرين في أعمال تجارية .

الضابط الثاني :

أن تكون الدعوى ضد تاجر بسبب أعماله التجارية والفرق بين هذه والأولى، أن الأولى الطرفان فيها تجار و أما الثانية فالمدعي ليس بتاجر .

الضابط الثالث :

أن يكون العمل تجاريا ولو لم يكن أحد أطراف الدعوى تاجرا.

* وسوف أذكر المواد النظامية لكل ضابط

فأما الضابط الأول: فنص نظام المرافعات الشرعية المادة 35 فقرة(أ).

وأما الضابط الثاني: فهو الفقرة(ب) من نفس المادة في النظام المذكور.

وأما الضابط الثالث: فالفقرة و من المادة نفسها وقد نصت على الأعمال التجارية ولم تنص على التاجر.

كما أن اشتراط أن يكون طرفا العمل التجاري تجارا ليس له سند نظامي وأما اشتراط وجود تاجر لاعتبار العمل تجاريا فهذا لم يأت نصا في نظام المحكمة التجارية وإنما هو مفهوم الفقرة أمن المادة 443.

وهذا المفهوم غير معتبر لتعارضه مع مفهوم عدد من المواد الأخرى التي اعتبرت بعض الأعمال تجارية ولو لم تصدر من تاجر وهذا ما أكدته اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء كما سيأتي الإشارة إليه كما أنه يتوافق مع ما نصت عليه الفقرة و من المادة 35 من نظام المرافعات الشرعية .

وتطبيقا لهذه الضوابط يتضح الاختصاص في القضايا العقارية والمتأمل في ذلك كله يظهر له أن قضايا العقار تنقسم إلى قسمين

دعاوى تجارية / ودعاوى غير تجارية

وأن الاختصاص في نظرها بحسب نوع القضية فتارة تكون من اختصاص العامة وتارة تكون من اختصاص المحكمة التجارية وبيان ذلك في التقسيم الأتي:

1/ يكون العقار تجاريا في حالات :

الأولى: إذا أشتري العقار للبيع أو التأجير لا للسكن

المستند: المادة الثالثة من نظام المحكمة التجارية ونصها:

إذا باع مالك الأرض أو المزارع فيها غلتها بمعرفته أو باع مالك العقار عقاره أو اشترى أحد عقاراً أو أي شيء لا لبيعها ولا اجارتها بل للاستعمال فلا يعد شيئا من ذلك عملا تجاريا كما وأن دعاوى العقارات وايجارتها لا تعد من الأعمال التجارية فالنص على أن الشراء للإستعمال لا يعد تجاريا مفهوم المخالفة منه أن غير الاستعمال يعد تجاريا لأنه بقصد الربح.

الثانية: إذا اشتراه أو استأجره تاجر لحاجة تجارته ولو كان البائع أو المؤجر غير تاجر لكن يشترط في هذه الحالة أن يكون التاجر مدعى عليه لا مدعيا

المستند: الفقرة ب من المادة 35 من نظام المرافعات ونصها:

ب – الدعاوى التي تقام على التاجر بسبب أعماله التجارية الأصلية والتبعية

وقد بين محضر اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء أن هذا النوع من الدعاوى العقارية تجاري والمحضر معمم برقم 13/ ت/ 2593 في 1426/02/30هـ

الثالثة: إذا كان العقار بين تاجرين في أعمال تجارية كأن يكون جزء من صفقة ونحو ذلك.

المستند: الفقرة أمن المادة 35 من نظام المرافعات ونصها:

أ- جميع المنازعات التجارية الأصلية والتبعية التي تحدث بين التجار.

الرابعة: إذا كان العقار مملوكا لشركة وتم تصفيتها وتنازع الشركاء في العقار.

المستند: الفقرة ج من المادة 35 من نظام المرافعات ونصها:

ج- المنازعات التي تحدث بين الشركاء في الشركات.

فعموم المادة يقتضي أن النزاع بين الشركاء في أي طور من أطوار الشركة يعد نزاعا تجاريا.

2/ يكون العقار غير تجاري إذا خلا من حالات كونه تجارية المذكورة بعاليه .

ويمكن أن نمثل عليه ببيع العقار من شخص غير تاجر إلى مثله لغرض السكني وهو ما نصت المادة 3 من نظام المحكمة التجارية على عدم اعتباره عملا تجاريا .

اشكال وجوابه:

الإشكال: جاء في الفقرة أمن المادة 31 من نظام المرافعات في اختصاص المحكمة العامة:

( الدعاوى المتعلقة بالعقار من المنازعة في الملكية، أو حق متصل به، أو دعوى الضرر في العقار نفسه أو من المنتفعين به، أو دعوى أقيام المنافع أو الإخلاء أو دفع الأجرة أو المساهمة فيه، أو دعوى منع التعرض لحيازته أو استرداده، ونحو ذلك ما لم ينص النظام على خلاف ذلك).

وهذا يدل على أن جميع دعاوى العقار من اختصاص المحكمة العامة لا سيما وقد نص على المساهمة فيه والمساهمة عمل تجاري ومع ذلك اعتبره النظام من اختصاص المحكمة العامة .

الجواب: من عدة أوجه:

1/ المتأمل في نص المادة يرى أنها نصت على أمور نستعرضها تفصيلا :

(المنازعة في الملكية) وهذه ليست تجارية

(أو حق متصل به) كالشفعة أو البناء وهذا ليس تجاريا

(أو دعوى الضرر في العقار نفسه أو من المنتفعين به) وهذا كله ليس تجاريا

(دعوى أقسام المنافع) وهنا لم ينص على قيمة العقار بل على المنافع وليست تجارية دائما

(أو الإخلاء أو دفع الأجرة) وهذه ليست تجارية

(أو المساهمة فيه) وهنا المساهمة قد تكون تجارية وقد لا تكون كما لو ساهم أحد الزوجين مع الآخر في شراء

أو بناء العقار وكذلك الوارث مع الموروث فجعل هذه العبارة تجارية بكل حال تحكم لا يدل عليه اللفظ.

(أو دعوى منع التعرض لحيازته أو استرداده) وهذا كله ليس تجاريا

فها أنت ترى أن المادة لم تتعرض مطلقاً للعقار التجاري بل يصح تفسيرها على العقار غير التجاري

والذي يظهر أن هذا ما قصده المنظم بدليل الاستثناء في آخر المادة (ما لم ينص النظام على خلاف ذلك) .

وهو ما حصل فعلا حيث نص النظام على خلافه كما في الفقرة التالية

2/ نصت المادة الثالثة والثلاثون على اختصاصات محكمة الأحوال الشخصية ومنها فقرة 3 من (أ) وجاء فيها :

وقسمة التركة بما فيها العقار إذا كان فيها نزاع، فهنا نص على أن نوعا من دعاوى العقار يخرج عن اختصاص المحكمة العامة فلا غرو أن يخرج غيره.

3/ ثم أنظمة تجارية تضمنت الاختصاص بنظر دعاوى عقارية ومن ذلك ما تضمنه نظام الاستثمار.

حيث نص في المادة الثامنة على:

(يجوز للمنشأة الأجنبية المرخص لها بموجب هذا النظام تملك العقارات اللازمة في حدود الحاجة لمزاولة النشاط المرخص)

وقد خول النظام لجنة مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة به ومن بينها ملكية العقار كما يوجد انظمة تجارية أخرى على نفس النسق .

وهذا كله يدل على أن الدعاوي في العقار قد تنظر في المحكمة العامة وقد تنظر بمحكمة الأحوال الشخصية وقد تنظر في المحكمة التجارية وقد تنظر خارج القضاء العام كاللجنة المختصة بدعاوى الاستثمار

وأن العبرة في ذلك كله بوصف العقار فإن كان مدنيا بحتاً فمن اختصاص المحكمة العامة

وإن كان ميراثاً فمن اختصاص محكمة الأحوال الشخصية وإن كان تجارياً فمن اختصاص المحكمة التجارية

وان كان استثماراً فمن اختصاص لجنة الاستثمار والله اعلم

كتبة قاضي الاستئناف

عبدالرحمن التويجري

زر الذهاب إلى الأعلى