البحوث القانونيةشرح القواعد الفقهية
القاعدة التاسعة والسبعون: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب, في شرح القواعد الفقهية
القاعدة التاسعة والسبعون: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
236- التمهيد لبيان معنى القاعدة:
هذه القاعدة من قواعد أصول الفقه, ولها متعلق بالفقه وقواعده, ولذلك يبحثها البعض ضمن القواعد الكلية في الفقه الإسلامي, ولبيان المقصود من هذه القاعدة لا بد من بيان ما يلي:
من المعلوم أن (الأمر) يفيد الوجوب أي إيجاد الفعل المأمور به على وجه الحتم والإلزام, وصيرورة هذا الفعل واجباً في حق المخاطب, ولكن إيجاد الفعل المأمور به أي الواجب قد يتوقف على إيجاد شيء آخر, فهل يكون هذا الشيء الآخر واجباً أيضاً بنفس الأمر الأول الذي أثبت أصل الواجب أم لا؟
للجواب على هذا السؤال لا بد من شيء من التفصيل حتى يتبين المقصود من هذه القاعدة فنقول:
237- أقسام ما يتوقف عليه إيجاد الواجب:
ما يتوقف عليه إيجاد الواجب قسمان:
(القسم الأول): أن يكون غير مقدور للمكلف مثل الاستطاعة لأداء واجب الحج, فهذا القسم لا يكلف به الإنسان ولا يتناوله الأمر, فلا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة ليؤدي واجب الحج, ولا تحصيل نصاب الزكاة ليؤدي الزكاة, ولا إيجاد عدد المصلين لصحة أداء واجب صلاة الجمعة.
(القسم الثاني): أن يكون الشيء مقدوراً للمكلف, وهذا القسم نوعان:
-
النوع الأول : ما ورد في وجوبه أمر خاص به , وهذا لا كلام لنا فيه , ولا يدخل في موضوع القاعدة التي نتكلم عليها , ومن هذا النوع الوضوء للصلاة , فإنه واجب على المكلف ويتوقف عليه أداء واجب الصلاة , ولكن وجوبه – أي وجوب الوضوء – كان بأمر مستقل لا بالأمر بالصلاة بقوله تعالى ( وأقيموا الصلاة ) وهذا الأمر المستقل الذي وجب به الوضوء الذي يتوقف عليه أداء واجب الصلاة هو قوله تعالى ( يأيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق و امسحوا برءوسكم و أرجلكم إلى الكعبين ) المائدة “6”.
-
النوع الثاني : ما يتوقف عليه أداء الواجب ولم يرد بوجوبه أمر خاص به , وهذا النوع هو المقصود بسؤالنا الذي قدمناه , وهذا هو ما أجاب عليه الأصوليون بهذه القاعدة : ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) فما معنى القاعدة ؟؟
-
معنى القاعدة مع الأمثلة: